كتاب مسند الفاروق ت إمام (اسم الجزء: 1)

رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصَه أن يكفِّن فيه أباه، فأعطاه، ثم سأله أن يُصلِّي عليه، فقام رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليصلِّي عليه، فقام عمرُ فأخذ بثوبِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، أتصلِّي عليه وقد نهاك اللهُ أن تصلِّي عليه؟ فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إنما خيَّرني اللهُ، فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة} وسأزيدُ على سبعين)). قال: إنه منافقٌ! فصلَّى عليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله عزَّ وجلَّ: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} (¬1).
وهذا الكتاب الذي بين يديك صنَّفه الإمام الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي ليجمع لك فيه ما استطاع إليه سبيلاً من فقه هذا الصحابي الجليل، سواء في ذلك ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو ما أفتى به رضي الله عنه.
ولفِقه عمر -رضي الله عنه- مزية خاصة، فقد طالت مدة خلافته، واتَّسعت رُقعة الإسلام في عهده، وكثُرَت الوقائع والمستجدات، فاحتاج إلى القول فيها، زد على هذا أن اللهَ تبارك تعالى حَبَاه بِثُلَّة من مشيخة المهاجرين والأنصار، فإذا نزلت بالمسلمين نازلةٌ جَمَعهم واستشارهم، فكانت فتاواه لا تمثل رأيه فحسب، بل تمثل رأي الجماعة من الصدر الأول.
إذا تبين لك هذا؛ عرفتَ قدر هذا العمل الذي بين يديك، فشَكَرت لمؤلفه صنيعه، ودعوت الله أن يجزيه خيرًا على ما قام به من جمعٍ لفقه هذا
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري (3/ 138 رقم 1269 - فتح) ومسلم (4/ 1865 رقم 2400) واللفظ له.

الصفحة 13