كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 1)
وقد سبق الحديث عن بعض هذه الحكم فى عرض وظيفة الأسرة، وسنزيدها
هنا توضيحا وتنظيما. مع إضافات تبرز الناحية الدينية فيما يتعلق بالثواب
والعقاب.
يقول المودودى (توفى 979 1) فى حكمة مشروعية الزواج ما ملخصه:
ليس المقصود منه النسل فقط، فالحيوانات تتناسل، ولا قضاء الشهوة فقد
تنفصل المحبة بعد قضائها. وإيخا المقصود منه هو التمدن، والتحضر، ومن هنا كان
الإنسان دائما فى شوق إلى الزوجة، والمرأة فى شوق إلى الزوج، بخلاف الحيوان.
كما أن حب الرجل لاولاده يدوم بعد فترة التربية ولاجيال قادمة، أما الحيوانات
فتحنو على أولادها مدة طفولتها ثم تتركها، فالمقصود من الزواج الحياة
الاجتماعية لا الفردية. وذلك أساس التمدن والحضارة، فالعلاقة الإنسانية بين
الزوجين أدوم واحمد من العلاقة الجنسية، ولابد للتمدن من تعديل الميل الجنسى،
لأ ن إضعافه لا يساعد على التمدن، كما أن الإفراط فيه يسبب الفوضى.
واستقرار الأسرة لا يكون بمجرد الحمل فإن المرأة تكابد اصلامه وتبعاته سنين طوالا،
أما الرجل فلا يتحمل شيئا بعد وضع النطفة، لذلك ربط الدين الرجل بالمرأة
بالنكاخ وألزمه بنفقات الولد والأسرة، وجعل زينة المرأة وأسلحتها شبكة لإيقاعه
فى حبها مع وجود الولد بينهما، ا هـ.
وهذا الكلام لا يخرج كثيرا عما سبق بيانه من الفرق بين نظام الأسرة وبين
مجرد التقاء الرجل بالمرأة، وهو يبرز ناحية التعاون فيما أجمله العلماء من حكمة
التشريع.
والإمام الغزالى فى كتابه " إحياء علوم الدين " جعل فوائد النكاح خمسة
أمور هى: الولد، وكسر الشهوة، وتدبير المنزل، وكثرة العشيرة، ومجاهدة النفس
بالقيام بواجبات الأسرة، وهو فى كلامه لا يخرج عن المقاصد الثلاثة الأ ساسية
للنكاخ.
118