كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 1)

الفصل الأول
أهمية الاختيار
ا - لما كانت الأسرة من الأ هميه بالشكل الذى بيناه فيما سبق من الكتاب
كانت مهضة اختيار العمودين الأ ساسيين اللذين يقام عليهما بناء الأسرة صعبة،
تتطلب الطئى والتفكير الطويل والاستشارات الكثيرة من ذوى الرأى والمتجربة،
فإن الاخفاق فى الزواج الأول بالذات يورث فى الرجل والمرأة عقدة نفسية تنغص
حياتهما ما عاشا فى الدنيا، فانهما إما أن يرضيا بالواقع المر، والمرارة إخفاف، وإما
أن ينفصلا، والانفصال أيضا إخفاف، حتى لو بنى كل منهما بعد ذلك بيتا
جديدا، فإن التجربة السابقة لابد أن تلازمهما اثارها إلى أن تنتهى الحياة. يقول
المثل الفارسى (1): إذا كنت على سفر عازما فصل مرة واحدة، وإذا كنت إلى
الحرب ذاهبا فصل مرتين، وإذا كنت على الزواج مقدما فصل ثلاث مرات. نعم
يصلى ويجتهد فى الدعاء بالتوفيق، فالطريق مظلم مخوف، والمستقبل غيب
مستتر، واللغز خفى معقد.
إن الحياة الزوجية كطائر جناحاه الرجل والمرأة، والطائر لا يرقى فى الأ جواء
العالية، ولا ينعم بفسحة الفضاء إلا إذا سلمت فيه هاتان القوتان اللتان تدفعانه
إلى حيث يريد، بل إن الزوج والزوجة أشبه بمركب كيماوى ذى عناصر خاصة
وتركيب معين، إن أعوز هذا المركب أحد العناصر، أو اختلفت نسبة التركيب
والامتزاص! ذهب الأ ثر المطلوب، وضاعت الفائدة المرجوة، وربما أنتج هذا المركب
نتيجة عكسية هى الهلاك والدمار.
ولا! همية بناء الأسرة وحاجتها إلى الطنى والاستشارة، خصوصا فى عصرنا
الحاضر المعقد، وفى المدن الكبيرة بالذات، وجدت فى الغرب مكاتب تلبى
__________
(1) جريدة المصرى 17/ 6 / 945 1 م.
178

الصفحة 178