كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 1)

وأحب أن أنبه أيضا إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو بشر رسول،
كان يعامل زوجاته أحيانا بشكل تظهر فيه شخصيته الإنسانية أكثر من شخصيته
الرسولية، فمعاملته مثلا للسيدة خديجة قبل الرسالة كانت إنسانية محضة
وكانت معاملة نبيلة مثالية، لا! نه مهيأ فى هذه الفترة ليكون رسولا نموذجا للناس،
وبعد الرسالة عامل زوجاته بمزيج من الشخصيتين، بحيث يصعب على الإنسان
أن يفرق بينهما حيث لا يوجد فاصل واضح بين ما يقتدى به فيه وما لا يقتدى
به، ويتضح ذلك فى أحواله وتروكه، وتوضيح مدى الاقتداء به عليه الصلاة
والسلام يرجع إليه فى بحثى عن: الاتباع والابتداع، فى كتابى " توجيهات دينية
واجتماعية ".
ولعل مما يوضح هذا الجانب فى حياة الرسول مع زوجاته حادث التخيير،
عندما اجتمعن حوله وطالبته كل بما يمتعها من خيرات الدنيا كما تتمتف نساء
الملوك، فما دفعهن إلى ذلك إلا شعورهن بإنسانية الرسول شعورا أوضح وأقوى،
وبخاصة عندما تحملهن وهن يطالبنه تقديرا لكونهن نساء من البعثنر، ثم نبههن
أخيرا إلى شخصيته الرسولية فعرض عليهن البقاء معه على حاله أو تطليقهن،
واعتزلهن شهرا، وسيأتى مزيد توضيح لذلك عند بحث: تعدد الزوجات.
3 - وكما أستمد مادتى ودليلى من الكتاب والسنة أستمدهما من أقوال
الصحابة وأفعالهم فهم أدرى بالإسلام فى نصه وروحه، وقد نبهنا الرسول ص! ل! هب
إلى الأ خذ عنهم والاقتداء بهم، كما نأخذ من الكتاب ونقتدى بالرسول الكريم.
فإلى جانب ما روى مسلم وابن ماجه وغيرهما عن جابر وهو يتحدث عن خطبة
الرسول عليه الصلاة والسلام أنه كان فيما قال: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب
الله وخير الهدى هدى محمد وشر الا! مور محدثاتها وكل بدعة ضلالة " وما جاء
عن ابن عباس فى خطبة النبى فى حجة الوداع:
"إنى قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة
نبيه ا) رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد، وله أصل فى الصحيح (1) جاء عن
__________
(1) الترغيب! ا ص 31.
24

الصفحة 24