كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 1)
وبطول العهد بهذه الحياة المريرة فى تلك الا! رض المترامية الأ طراف ب أولاده
إلى السعى فيها لطلب العيش واستثمار موارد الخير، والتنقل ليس غريبا على أول
عهد الإنسان بالحياة فى الأ رض، فهو موجود فى تاريخنا القريب، فى مثل قبيلة
((كاتاى " أو ((الخاطاى " التى كانت فى منشوريا ثم تفرقت فى الدنيا تحت اسم
" الغجر" دائمى التنقل (1).
نأت الأ صقاع بأولاد ادم وشط بهم المزار، وتفرقوا فى جنبات الا رض حتى
كادت وحدتهم الأ سرية الأولى تتلاشى، وكون كل منهم خلية جديدة فى جسم
المجتمع الإنسانى، وتناسوا أو نسوا تلنث الإرشادات التى كان يتعهدهم بها أبوهم،
وحولت مشاغل الحياة مجرى تفكيرهم إلى مجال أوسع. استقبالا لهذه الظروف
المعقدة، التى تتفتح كل يوم عن مشكلة جديدة. فسار كل فى طريق وتصرف
كما يشاء مستوحيا من الطبيعة بأشجارها وحيوانها وظواهرها الختلفة ما يرشده
فى حياته، وكونت هذه الانطباعات والاستنتاجات عادات سلوكية وأنماطا فكرية
جعلها دستوره الذى يسير على ضوئه.
ولم يكن هناك من الاهتمام أو من الوقت ما يسوقه إلى ربطهما بتلك التى
كان أبوهم الأول يوصيهم بها، والناحية المثالية أو الاتجاه الخلقى والروح
الاجتماعية لم تخلق فيهم بعد، أو كانت مستترة إلى حين، فإن الوصول إلى
لقمة العيش كان الشغل الشاغل لكل منهم فى كل نشاطه. ومن هنا كان كل
فرد مع مجموعته الصغيرة الجديدة يعيش فى صقع من الأ صقاع في حالة بدائية.
بالنسبة إلى ماءنحن فيه الان، ليس عندهم من القوانين المعقولة ما ينظمون به
حياتهم، اللهم إلا عند بعض مجموعاتهم التى تقاربت، وسهل الاتصال بينها،
وهنا يرسل الله إليهم رسولا خاصا فى محيطهم المحدود، يرشدهم إن تنكبوا
الطريق. أما من نأى عن تلك المجموعات فإنه أوغل فى الهمجية والبدائية
والابتكار الذى تمليه عليه ظروف حياته فى إقليمه الخاص، مقلدا فى كثير من
__________
(1) المصور 5 2/ 2 1/ 3 5 9 1.