كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

أصحاب الشافعي وغيره- فإنما أخذه من مفهوم حديث القلتين، وفي تخصيص العموم بالمفهوم تنازع بين أهل الأصول فبعضهم يقول: لا نعلم خلافا بين القائلين بالمفهوم أنه يجوز تخصيص العموم به، وسواء كان من قبيل مفهوم الموافقة أم من قبيل مفهوم المخالفة، وغيره يقول: إذا قلنا: المفهوم حجة فالأشبه أنه يجوز تخصيص العام به؛ لأن المفهوم أضعف دلالة من المنطوق فكان التخصيص تقديما للأضعف على الأقوى وذلك غير جائز.
السادس: أن المذكور فيه البول فيلحق به التغوط قياسا، والمذكور فيه الغسل من الجنابة فيلحق به اغتسال الحائض والنفساء قياسا، وكذلك يلحق به اغتسال الجمعة والاغتسال من غسل الميت عند من يوجبهما.
فإن قلت: هل يلحق به الغسل المسنون أم لا؟ قلت: من اقتصر على اللفظ فلا إلحاق عنده كأهل الظاهر، وأما من يعمل بالقياس ممن زعم أن العلة الاستعمال فالإلحاق صحيح، ومن زعم أن العلة رفع الحدث فلا إلحاق عنده، فاعتبر بالخلاف الذي بين أبي يوسف ومحمد في كون الماء مستعملا.
السابع: فيه دلالة على تنجيس البول.
ص: وحدثنا علي بن معبد بن نوح البغدادي، قال: ثنا عبد الله بن بكر السهمي، قال: حدثنا هشام بن حسان، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن رسول الله قال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه".
ش: هذا طريق آخر، ورجاله ثقات، وأخرج مسلم نحوه (¬1)، وقد ذكرناه.
قوله: "لا يبولن" نهي مؤكد بالنون الثقيلة وأصله "لا يبل أحدكم" فلما دخلت النون عادت الواو المحذوفة.
قوله: "الذي لا يجري" صفة كاشفة.
¬__________
(¬1) سبق تخريجه.

الصفحة 103