كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

قوله: "ثم يغتسل فيمه برفع اللام؛ لأنه خبر مبتدأ محذوف، أي ثم هو يغتسل فيه، ويجوز الجزم عطفا على محل لا يبولن؛ لأنه مجزوم، وعدم ظهور الجزم لأجل النون، وقد قيل: يجوز النصب بإضمار "أن" ويعطي لـ"ثم" حكم واو الجمع.
قلت: هذا فاسد؛ لأنه يقتضي أن يكون المنهي عنه هو الجمع بينهما دون إفراد أحدهما، وهذا لم يقل به أحد، بل البول فيه منهيّ عنه سواء أراد الاغتسال فيه أم منه أم لا، وقال القرطبي في "المفهم": الصحيح "يغتسلُ" برفع اللام، ولا يجوز نصبها إذ لا تنتصب بإضمار"أن" بعد "ثم". وخالفه في ذلك ابن مالك وأجازه بالوجه الذي ذكرناه، وقال النووي: الرواية "يغتسل" بالرفع. وقال القرطبي: ومثل هذا قوله - عليه السلام -: "لا يضرب أحدكم امرأته ضربَ الأَمة ثم يُضاجعُها" (¬1) برفع "يُضاجعُها". ولم يروه أحد بالجزم، والتقدير: ثم هو يضاجعها، وثم هو يغتسل.
ص: حدثنا يونس بن عبد الأعلى أبو موسى الصدفي، قال: أخبرني أنس بن عياض الليثي، عن الحارث بن أبي ذُبَاب -وهو رجل من الأزد- عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة، أن رسول الله - عليه السلام - قال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه أو يشرب".
ش: هذا طريق آخر أيضًا، ورجاله ثقات.
ويونس بن عبد الأعلي شيخ مسلم أيضًا والنسائي وابن ماجه، وقد شاركهم الطحاوي في الرواية عنه.
وأنس بن عياض شيخ الشافعي وأحمد.
والحارث بن أبي ذباب هو الحارث بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد -وقيل: المغيرة- بن أبي ذباب الدوسي المدني.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (5/ 2246 رقم 5695)، ومسلم (4/ 2191 رقم 2855) كلاهما من حديث عبد الله بن زمعة - رضي الله عنه - بنحوه.

الصفحة 104