كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

وروي "أربعون قلة" وروي "أربعون غربا" ووقف على أبي هريرة وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - وقال اليعمري: حكم ابن منده بصحته على شرط مسلم من جهة الرواة، ولكنه أعرض عن جهة الرواية بكثرة الاختلاف فيها والاضطراب ولعل مسلما تركه لذلك.
قلت: اضطرابه لفظي ومعنوي، أما اللفظي فمن جهة الإسناد والمتن، أما إسناده فمن ثلاث روايات:
الأول: رواية الوليد بن كثير كما في رواية الطحاوي وأبي داود والنسائي وكذا في رواية الشافعي عن عبد الله بن الحارث المخزومي عن الوليد بن كثير، وكذا في رواية إسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة.
والثانية: رواية محمَّد بن إسحاق، كما في رواية الترمذي وابن ماجه.
والثالثة: رواية حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر، واختلف في إسنادها ومتنها:
أما الإسناد فما رواه أبو داود (¬1) وابن ماجه (¬2): عن موسى بن إسماعيل، عن حماد عن عاصم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، قال: حدثني أبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس" وخالف حماد بن سلمة فرواه عن عاصم بن المنذر، عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله موقوفا.
وأما المتن فإن يزيد بن هارون رواه عن حماد بن سلمة، فاختلف فيه على يزيد، فقال الحسن بن محمَّد الصباح عنه عن حماد، عن عاصم قال: "دخلت مع عبيد الله ابن عبد الله بن عمر بستانا فيه مقرى ماء فيه جلد بعير ميت، فتوضأ فيه، فقلت له: أتتوضأ منه وفيه جلد بعير ميت؟! فحدثني عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا بلغ الماء قلتين أو أكثر لم ينجسه شيء" أخرجه الدارقطني (¬3).
¬__________
(¬1) "سنن أبي داود" (1/ 17 رقم 65).
(¬2) "سنن ابن ماجه" (1/ 172 رقم 518).
(¬3) "سنن الدارقطني" (1/ 22 رقم 21)، وفيه: "أو ثلاثًا" موضع "أو أكثر".

الصفحة 114