كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

سقطت الفأرة في البئر فتقطعت؛ نزع منها سبعة أدلاء، فإنْ كانت الفأرة كهيئتها لم تقطع؛ نُزع منها دلو أو دلوان، فإن كانت منتنة أعظم من ذلك فلينزع من البئر ما يذهب الريح".
فإن قلت: ما معنى الترديد بين العشرين والثلاثين في مسألة الفأرة وبين الأربعين والخمسين والستين في الدجاجة؟
قلت: لما اختلفت أقوال الصحابة والتابعين في الفأرة من عدم وجوب شيء، ووجوب دلوا ودلوين، ووجوب عشرين دلوا، ووجوب أربعين دلوا، اختار أصحابنا قول من يقول بالعشرين التي هي الوسط بين القليل والكثير ثم زادوا عليه مقدار نصفه بطريق الاستحباب لأجل الاحتياط، بيان ذلك فيما رواه عبد الرزاق (¬1) عن معمر أخبرني من سمع الحسن يقول: "إذا ماتت الدابة في البئر أخذت منها وإنْ تفسخت فيها نزحت" وما رواه أيضًا من حديث علي المذكور آنفا وما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬2) عن ابن عُيينة، عن ليث، عن عطاء قال: "إذا وقع الجُرذ في البئر نزح منها عشرون دلوا".
و"الجُرَذ" -بضم الجيم وفتح الراء وفي آخره ذال معجمة- وهو الذكر الكبير من الفأر فجمعها الجُرذان.
وما رواه أيضًا (¬3) عن حفص، عن عاصم، عن الحسن: "في الفأرة تقع في البئر قال: يستقي منها أربعون دلوا".
وأما الترديد في الدجاجة فكذلك لاختلاف أقوالهم.
بيان ذلك فيما رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬4) عن معمر قال: "سألت الزهري
¬__________
(¬1) "مصنف عبد الرزاق" (1/ 81 رقم 271).
(¬2) ليس هذا الأثر والذي يليه في "مصنف عبد الرزاق" وإنما هو في "مصنف ابن أبي شيبة" (1/ 149 رقم 1714).
(¬3) "مصنف ابن أبي شيبة" (1/ 149 رقم 1712).
(¬4) "مصنف عبد الرزاق" (1/ 81 رقم 269).

الصفحة 133