كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

وقال مكي في شرحه: فإن كان غير مائع يقال: لعِقه وَلَحِسَه.
قال المطرز: فإن كان الإناء فارغا يقال: لَحِسَ، وإنْ كان فيه شيء يقال: ولغ.
وقال ابن درستويه: معني ولغ لَطِعه بلسانه، شرب منه أو لم يشرب، كان فيه ماء أو لم يكن، ولا يقال: ولغ في شيء من جوارحه سوى لسانه.
ص: فإن قال قائل: فإن هشام بن حسان قد روى هذا الحديث عن محمَّد بن سيرين فلم يرفعه، وذكر في ذلك ما قد حدثنا أبو بكرة، قال: أخبرني وهب بن جرير، قال: ثنا هشام بن حسان، عن محمَّد، عن أبي هريرة قال: "سؤر الهرّ يُهراقُ ويغسل الإناء مرة أو مرتين".
قيل له: ليس في هذا ما يجب به فساد حديث قرة؛ لأن محمَّد بن سيرين قد كان يفعل هذا في أحاديث أبي هريرة يقفها عليه، فإذا سئل عنها هل هي عن النبى - عليه السلام -؟ رفعها.
ش: تقرير السؤال أن حديث عائشة المذكور مرفوع لم يَقِفَهُ أحد، وحديث أبي هريرة وقفه هشام بن حسان، فكيف يرجح على حديث عائشة؟! والجواب ظاهر، و [قال] (¬1) المحدثون في خبر يروى موقوفا على بعض الصحابة بطريق ومرفوعا إلى رسول الله - عليه السلام - بطريق فإن كان يرويه عن رسول الله - عليه السلام - من هو في الطبقة العليا فإنه يثبت مرفوعا، وإنْ كان إنما يرويه عن رسول الله - عليه السلام - من ليس في الطبقة العليا ويرويه موقوفا من هو في الطبقة العليا فإنه يثبت موقوفا، وكذلك قالوا في المرسل والمسند، ولكن الفقهاء لم يأخذوا بهذا القول؛ لأن الترجيح عند أهل الفقه يكون بالحجة لا بأعيان الرجال (¬2).
¬__________
(¬1) في "الأصل، ك": وقالت.
(¬2) قلت: مدار الأمر عند الاختلاف على الضبط لا على المعاني، فالحجة عند الاختلاف تكون مع الأضبط والأتقن والأكثر.

الصفحة 153