كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

قال ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬1): ثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن أبي هريرة: "أنه كان يقول في الجنابة في الثوب: إن رأيت أثره فاغسله، وإن علمت أن قد أصابه ثم خفي عليك فاغسل الثوب، وإن شككت فلم تدر أصاب الثوب أم لا فانضحه".
ثنا (¬2) محبوب القواريري، عن مالك بن حبيب، عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: "سأله رجل فقال: إني احتلمت في ثوبي. قال: اغسله. قال: خفي عليَّ. قال: انضخه بالماء".
ص: قال: فهذا قد دلّ على نجاسته عندها.
قيل له: ما في ذلك دليل [على ما ذكرت] (¬3) لأنه لو كان حكمه عندها حكم سائر النجاسات من الغائط والبول والدم؛ لأمرت بغسل الثوب كله إذا لم يعرف موضعه منه، ألا ترى أن ثوبا لو أصابه بول فجف مكانه، أنه لا يطهره النضح؛ فإنه لا بد من غسله كله حتى يعلم طهوره من النجاسة، فلما كان حكم المني عند عائشة إذا كان موضعه من الثوب غير معلوم النضح؛ ثبت بذلك أن حكمه كان عندها بخلاف سائر النجاسات.
ش: أي قال هذا الذاهب المذكور عند قوله: "فذهب ذاهب إلى أنه قد روي عن عائشة ما يدل على أنه كان عندها نجسا، وأشار بقوله: "قيل له". أبي: لهذا الذاهب: ما فيما قلت دليل على ما ادّعيت، والباقي ظاهر.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: وقد اختلف أصحاب النبي - عليه السلام - في ذلك، فروي عنهم في ذلك: حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هُشَيمٌ، قال: أنا حُصَينٌ، عن مُصْعب بن سعد، عن أبيه: "أنه كان يفرك الجنابة عن ثوبه".
¬__________
(¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" (1/ 81 رقم 899).
(¬2) "مصنف ابن أبي شيبة" (1/ 82 رقم 907).
(¬3) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح المعاني".

الصفحة 463