كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

حدثنا فهد قال: ثنا أبو غسّان، قال: ثنا شريك، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قوله: "الماء من الماء؛ إنما ذلك في الاحتلام إذا رأى أنه يجامع ثم لم ينزل؛ فلا غسل عليه".
فهذا ابن عباس قد أخْبر أن وجهه غير الوجه الذي حمله عليه أهل المقالة الأولى؛ فضاد قوله قولهم.
وأما ما روي فيما بيّن فيه الأمر (¬1)، وأخْبَر فيه بالقصد وأنه لا غُسل [عليه] (¬2) في ذلك حتى يكون الماء، فإنه قد روي عن النبي - عليه السلام - خلاف ذلك.
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "إذا قعدَ بين شُعَبها الأربع ثم اجتهد، فقد وجب الغسل".
ش: أي قالت الآخرون القائلون بوجوب الغسل بالايلاج مطلقا.
"فهذه الآثار" أرادَ بها التي رُويت عن عائشة - رضي الله عنها - تخبر صريحا عن رسول الله - عليه السلام - أنه كان يغتسل إذا جامع وإن لم ينزل، فثبت أن بمجرد الإيلاج يجب الغسل.
قوله: "فقيل لهم ... " إلى آخره، اعتراض على أهل المقالة الثانية، تحريره أن يقال: ما ذكرتم من الآثار إنما تخبر عن فعل رسول الله - عليه السلام - وقد يجوز أن يكون - عليه السلام - إنما كان يفعله بطريق الاستحباب لا بطريق الوجوب، فلا يتم الاستدلال بها على ما ادعيتم، وأما الآثار الأولى فإنها تخبر صريحا عما يجب وعما لا يجب، فتكون هذه أولى.
¬__________
(¬1) كُتب في الحاشية بعد قوله بَيَّنَ: "النبي - عليه السلام -" ولم يكتب فوقها "صح" علامة أنها من "الأصل"، وإنما كتب فوقها: "ح" أي إنها حاشية، ولم يعلم كاتبها، وليست في "شرح المعاني". ولعلها حاشية توضيحية من بعض من اطلع على الكتاب والله أعلم.
(¬2) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح المعاني".

الصفحة 489