كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

رجال من الأنصار يفتون أن الرجل إذا جامع المرأة ولم ينزل فلا غسل عليه، وكان المهاجرون لا يتابعونهم على ذلك.
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا يدل على نسخ ذلك أيضًا؛ لأن عثمان والزبير من المهاجرين، وقد سمعا من رسول الله - عليه السلام - ما قد روينا عنهما في أول هذا الباب، ثم قد قالا بخلاف ذلك، فلا يجوز ذلك منهما إلا وقد ثبت النسخ عندهما، ثم قد كشف ذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بحضرة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار، فلم يثبت ذلك عنده، فحمل الناس على غيره، وأمرهم بالغسل، ولم يعترض عليه في ذلك أحد، وسلموا ذلك له، فذلك دليل على رجوعهم أيضًا إلى قوله.
ش: إسناده صحيح، ورجاله رجال الصحيح؛ ما خلا فهذا وعلي بن معبد.
وأكَّدَ ما ذكره من النسخ بشيئين آخرين أيضًا؛ أحدهما: بعدم متابعة المهاجرين لإفتاء الأنصار.
والثاني: بكشف عمر عن ذلك، وحمله الناس بعده على الغسل، وتسليم الصحابة له بذلك، فهذا كله مما يثبت النسخ.
ص: حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حيَّة، قال: سمعت عبيد بن رفاعة الأنصاري يقول: "كنا في مجلس فيه زيد بن ثابت - رضي الله عنه - فتذاكروا الغسل من الإنزال، فقال زيد: ما على أحدكم إذا جامع فلم ينزل إلا أن يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة، فقام رجل من أهل المجلس فأتى عمر - رضي الله عنه - فأخبره بذلك، فقال عمر للرجل اذهب أنت بنفسك فأتني به حتى تكون أنت الشاهد عليه، فذهب فجاء به، وعند عمر ناس من أصحاب رسول الله - عليه السلام - فيهم علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهما - فقال له عمر: كنت عُدَيُّ نفسه، تفتي الناس بهذا؟! فقال زيد أَمَ والله ما ابتدعته، ولكني سمعته من أعمامي: رفاعة بن رافع، ومن أبي أيوب الأنصاريَ،

الصفحة 500