كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

والحديث المسند فيه ما أخرجه البيهقي في "سننه" (¬1): من حديث حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص: "أن وفد ثقيف قدموا على النبي - عليه السلام - فأنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم، فاشترطوا على النبي - عليه السلام - ألَّا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبّوا ولا يستعمل عليهم من غيرهم. فقال: لا تُحشروا ولا تعشروا ولا تُجبّوا ولا يستعمل عليكم من غيركم، ولا خير في دين ليس فيه ركوع".
وأخرجه أحمد أيضًا في "مسنده" (¬2).
قوله: "إنَّ وفد ثقيف" الوفد جمع وافد كركب جمع راكب وهم القوم يجتمعون ويَرِدُون البلاد، وكذلك يقصدون الأمراء لزيارة أو استرفاد وانتجاع وغير ذلك، تقول: وفد يفد فهو وافد، وأوفدته فوفد، وأوفد على الشيء فهو موفد إذا أشرف، وثقيف أبو قبيلة من هوازن واسمه فَسِيّ، والنسبة إليه ثقفي، وأصله من ثقف الرجل ثقافة أبي صار حاذقا خفيفا فهو ثَقْفٌ مثل ضخم ومنه المثاقفة، والثقاف ما تسوى به الرماح.
قوله: "ضرب لهم قبة" أي نصبها وأقامها على أوتاد، وهذه المادة تستعمل لمعانٍ كثيرة، والقُبة -بضم القاف- بيت صغير مستدير من بيوت العرب قاله ابن الأثير، وقال الجوهري: هي من البناء والجمع قِبَبٌ وقبَاب.
قوله: "قوم أنجاس" مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هم قوم أنجاس، جمع نَجَس بفتحتين.
قوله: "إنَّه" أي إن الشأن.
ومعنى قوله: "إنَّه ليس من أنجاس الناس على الأرض شيء" أي الأرض لا تنجس بنزول المشركين عليها، وليس المعنى أنَّهَا لا تنجس إذا أصابتها النجاسة.
¬__________
(¬1) "السنن الكبرى" (2/ 444 رقم 4131).
(¬2) "مسند أحمد" (4/ 218 رقم 17942).

الصفحة 80