كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

الغسالة طاهرة والعصر لا يجب فنعم، وإنْ قلنا إنها نجسة والعصر واجب فلا، وعلي هذا فلا يتوقف الحكم بالطهارة على الجفاف بل يكفي أن يغاص الماء كالثوب المُعَصَّر ولا يشترط فيه الجفاف والنضوب كالعصر، وفيه وجه أن يكون الماء المصبوب سبعة أضعاف البول، ووجه آخر يجب أن يصُب على بول الواحد ذنوب وعلي بول الإثنين ذنوبان وعلي هذا أَبدا. انتهى.
وقال أصحابنا: إذا أصابت الأرض نجاسة رطبة، فإن كانت الأرض رخوة صُبَّ عليها الماء حتى يتسفَّل فيها، فإذا لم يبق على وجهها شيء من النجاسة وتسفَّل الماء يحكم بطهارتها، ولا يعتبر فيه العدد، وإنما هو على اجتهاده وما في غالب ظنه أنَّهَا طهرت ويقوم التسفّل في الأرض مقام العصر فيما يحتمل العصر وعلي قياس ظاهر الرواية: يصب الماء عليها ثلاث مرات ويتسفل في كل مرة وإنْ كانت الأرض صلبة، فإن كانت صعودا يحفر في أسفلها حفيرة ويصب الماء عليها ثلاث مرات ويتسفل إلى الحفيرة ثم تكبس الحفيرة، وإنْ كانت مستوية بحيث لا يزول عنها الماء لا يغسل لعدم الفائدة في الغسل بل تحفر، وعن أبي حنيفة: لا تطهير الأرض حتى تحفر إلى الموضع الذي وصلت إليه النداوة وينقل التراب.
ودليلنا على الحفر ما رواه الدارقطني (¬1) وقال: ثنا عبد الوهاب بن عيسى ابن أبي حيّة، ثنا أبو هشام الرفاعي محمَّد بن يزيد، ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا سمعان بن مالك، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: "جاء أعرابي فبال في المسجد فأمر رسول الله - عليه السلام - بمكانه فاحتفر فصب عليه دلو من ماء فقال الأعرابي: يا رسول الله، المرء يحب القوم ولا يعمل بعملهم. فقال رسول الله - عليه السلام -: المرء مع من أحب".
ورواه أبو يعلى أيضًا (¬2).
¬__________
(¬1) "سنن الدارقطني" (1/ 131 رقم 2).
(¬2) "مسند أبي يعلى" (6/ 310 رقم 3626).

الصفحة 85