كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

انتظار صلاة أو نحو ذلك مستحب ويثاب على ذلك، وإنْ لم يكن لشيء من ذلك كان مباحا وتركه أولي، وأما النوم فيه، فقد نص الشافعي في الأم أنه يجوز، وقال ابن المنذر: رخص في النوم في المسجد ابن المسيب والحسن وعطاء والشافعي. وقال ابن عباس: لا تتخذوه مرقدا. وروي عنه أنه قال: إنْ كان ينام فيه لصلاة فلا بأس به. وقال الأوزاعي: يكره النوم في المسجد. وقال مالك: لا بأس بذلك للغرباء ولا أرى ذلك للحاضر. وقال أحمد: إنْ كان مسافرا أو شبهه فلا بأس وإنْ اتخذه مقيلا ومبيتا فلا. وهو قول إسحاق، وقال اليعمري: وحجة من أجازه: نوم علي بن أبي طالب وابن عمر واهل الصفة، والمرأة صاحبة الوشاح، والعرنيين، وثمامة بن أثال، وصفوان بن أمية، وهي أخبار صحاح مشهورة، وأما الوضوء فيه فقال ابن المنذر: أباح كل من يُحفظ عنه العلم الوضوء في المسجد إلَّا أن يتوضأ في مكان يبلّه ويتأذى الناس به فإنه مكروه. وقال ابن بطال: هذا منقول عن ابن عمر وابن عباس وعطاء وطاوس والنخعي وابن القاسم صاحب مالك، وذكر عن ابن سيرين وسحنون أنهما كرهاه تنزيهًا للمسجد.
وروى عبد الرزاق في "مصنفه" (¬1): عن ابن جريج قال: "قال إنسان لعطاء: يخرج إنسان فيبول ثم يأتي زمزم فيتوضأ؟ قال: لا بأس بذلك فليدخل إنْ شاء فليتوضأ في زمزم، الدين سمح سهل. قال له إنسان: إني أرى أناسا يتوضئون في المسجد. قال: أجل ليس بذاك بأس.
قلت: فتوضأ أنت فيه؟ قال: نعم. قلت: تتمضمض وتستنشق؟ قال: نعم، وأسبغ وضوئي في مسجد مكة.
وروى عبد الرزاق (¬2): أيضًا، عن الثوري، قال: أخبرني أبو هارون العبدى: "أنه رأى ابن عمر - رضي الله عنهما - يتوضأ في المسجد".
¬__________
(¬1) "مصنف عبد الرزاق" (1/ 418 رقم 1637).
(¬2) "مصنف عبد الرزاق" (1/ 419 رقم 1641).

الصفحة 88