كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

وقال بعض أصحابنا: إن كان فيه موضع معد للوضوء فلا بأس وإلَّا فلا.
وفي "شرح الترمذي" لليعمري: إذا افتصد في المسجد فإن كان في غير إناء فحرام وإنْ كان في إناء فمكروه، وإنْ بال في المسجد في إناء فوجهان أصحهما أنه حرام، والثاني أنه مكروه، ويجوز الاستلقاء في المسجد ومدّ الرجل وتشبيك الأصابع للأحاديث الثابتة في ذلك.
الثامن: فيه مبادرة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
التاسع: فيه مبادرة الصحابة إلى الإنكار بحضرة النبي - عليه السلام - من غير مراجعة له.
فإن قلت: أليس هذا من باب التقدّم بين يدي الله ورسوله؟
قلت: لا؛ لأن ذلك تقرر عندهم في الشرع من مقتضى الإنكار فأمر الشارع متقدم على ما وقع منهم في ذلك، وإنْ لم يكن في هذه الواقعة الخاصة إذن فدلّ على أنه لا يشترط الإذن الخاص ويُكتفي بالعام.
العاشر: فيه دفع أعظم المفسدتين باحتمال أيسرهما وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما فإن البول فيه مفسدة، وقطعه على البائل مفسدة أعظم منها، فدفع أعظمهما أيسر المفسدتين، وتنزيه المسجد عنه مصلحة وترك البائل إلى الفراغ مصلحة أعظم منها، فحصلت أعظم المصلحتين بترك أيسرهما.
فإن قيل: ما الحكمة في نهيه - عليه السلام - إياهم عن الأعرابي حين أسرعوا إليه؟
قلت: مراعاة حق البائل لئلَّا يلحقه الضرر ومراعاة حق المسجد لئلَّا ينتشر البول عند القطع.
الحادي عشر: فيه مراعاة التيسير على الجاهل والتألّف للقلوب.
الثاني عشر: فيه المبادرة إلى إزالة المفاسد عند زوال المانع؛ لأن الأعرابي حين فرغ، أمر بصب الماء.
الثالث عشر: في رواية الترمذي (¬1): "أهريقوا عليه سجلا من ماء -أو دلوا من
¬__________
(¬1) "جامع الترمذي" (1/ 275 رقم 147).

الصفحة 89