كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 1)

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فكأن معنى قوله: "إنَّ الأرض لا تنجس" أي أنَّهَا لا تبقى نجسة إذا زالت النجاسة منها؛ لا أنه يريد أنَّهَا غير نجسة في حال كون النجاسة فيها، فكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في بئر بضاعة: "إنَّ الماء لا ينجس" ليس هو على كون النجاسة فيها إنما هو على حال عدم النجاسة فيها، فهذا وجه قوله - صلى الله عليه وسلم - في بئر بضاعة: "الماء لا ينجسه شيء".
ش: لما أوّل قوله - عليه السلام -: "الماء لا ينجسه شيء" بالتأويل المذكور، واستدل عليه بالأحاديث المذكورة؛ أوضحه بقوله: "فكان معنى قوله"أي النبي - عليه السلام -؛ فلذلك ذكره بالفاء التفصيلية.
ص: وقد رأيناه بَيّن ذلك في غير هذا الحديث.
ش: أي قد رأينا النبي - عليه السلام - بَيّن ذلك ما ذكرنا من التأويل وأوضحه في غير حديث بئر بضاعة، و"رأي" هَا هنا بمعنى علم؛ فلذلك تعدى إلى مفعولين كما في قوله:
رأيت الله أكبر كل شيء .... محاولة وأكثره جنودا
ص: حدثنا صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصاري وعلي بن شيبة بن الصلت البغدادي، قالا: ثنا عبد الله بن يزيد المقرىء، قال: سمعت ابن عون يحدث، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "نَهَى -أو نُهي- أن يبول الرجل في الماء الدائم أو الركد ثم يتوضأ منه أو يغتسل فيه".
ش: رجاله كلهم ثقات، وابن عون هو عبد الله بن عون بن أرطبان البصري التابعي الثقة الزاهد.
وأخرجه الطبراني (¬1) بهذا الطريق من حديث أبي عبد الرحمن المقرئ قال: سمعت ابن عون يحدث، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: "نهى -أو نُهي- أن يبول
¬__________
(¬1) "المعجم الأوسط" (3/ 254 رقم 3069).

الصفحة 96