كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 1)

قلت: كيف يتأتى ذلك، وحديثُ عبادةَ المتضمنُ لجزمه بأن الحدود كفاراتٌ كان قبل الهجرة قطعًا، وأبو هريرة أسلمَ بعدَ الهجرة بسنين (¬1)، فكان (¬2) إسلامه في سنة خيبر بالاتفاق، فكيف يكون حديثه أول؟!!
(ثم ستره الله، فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه): فيه دلالة لمذهب أهل الحق أن من ارتكب كبيرة، ومات ولم يتب منها، لم يتحتم دخوله النار، بل هو إلى مشيئة الله؛ كما ذكر في الحديث.
فإن قلت: ما الحكمةُ في عطف الجملةِ المتضمنةِ للعقوبة على ما قبلها بالفاء، والمتضمنةِ للستر بثم (¬3)؟
قلت: لعلها التنفير من مواقعة (¬4) المعصية؛ فإن السامع إذا علم أن العقوبة مفاجئة لإصابة المعصية [غير متراخية عنها، وأن الستر متراخٍ، بعثه ذلك على اجتناب المعصية] (¬5) وتَوَقِّيها (¬6)، فتأمله.
* * *

باب: من الدِّين الفرارُ من الفتنِ
19 - (19) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ
¬__________
(¬1) في "ع": "بسنتين".
(¬2) في "ن" و "ج": "وكان".
(¬3) في "ج": "ثم".
(¬4) في "ع": "موافقة".
(¬5) ما بين معكوفتين سقط من "ج".
(¬6) في "ج": "وتوقها".

الصفحة 105