هو محلُّ الاشتراط، والعمل الذي تظهر فائدته ناجزًا، و (¬1) تتقاضاه الطبيعة قبل الشريعة؛ لملاءمةٍ بينهما، لا تشترط فيه النية، فمن الأول: التيمم، ومن الثاني: إزالة النجاسة، وقد تختلف في بعض الصور؛ لتحقيق مناطٍ؛ كالوضوء، وحيث لا تشترط النية في إزالة النجاسة، وردِّ الوديعة، وقضاء الدين، فإنها تشترط لمن يرد (¬2) مع الغرض العاجل الثواب الآجل.
قال العلماء: والنيةُ والإيمان مما يُطلب به الثوابُ الآجل، مع أنه لا تشترط نيتهما، وما ذلك (¬3) إلا لما يفضي إليه الاشتراط في النية من التسلسل، وفي الإيمان من (¬4) الدور.
قال: فالحق أن النية نفسَها تتعلق بنفسها، وبالمنويِّ، فهي كالعلم الذي يتعلق بنفسِه، وبالمعلوم، فلا تسلسل، وأما الإيمان، فلأنه نفسَه حضورٌ وتعظيم (¬5) للحق، فهو متميز (¬6) بنفسه؛ كالخوف، والرجاء، والمحبة، والتوكل، فلا تحتاج إلى نية تشترط فيها (¬7) شرعًا. هذا معنى كلامه (¬8).
قلت: وقد جعل القرافي النية مما صورته كافية في تحصيل مصلحته؛ إذ مصلحتها التمييز، وهو حاصل بها مع القصد وبدونه.
¬__________
(¬1) في "ع": "أو".
(¬2) في "ن" و"ع": "يريد".
(¬3) في "ن": "ذاك".
(¬4) في "ع" و"ج": "بين".
(¬5) في "ن": "تعليم".
(¬6) في "ع": "مميز".
(¬7) في "ع": "فيه".
(¬8) وانظر: "فتح الباري" (1/ 164).