كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 1)

وظاهر (¬1) هذا: أن اجتهاده -عليه الصلاة والسلام- ليس وحيًا ينزل عليه، وأيضًا فليس بين القطع بأن اجتهاده صواب، وبين كونه وحيًا تَلازمٌ.
قال (¬2) الثاني: نزولُه وله دويٌّ كدويّ النحل.
الثالث: نزولُه في صورةِ رجلٍ شديدِ بياض الثياب، شديدِ سوادِ الشعر، لا يُرى عليه أثرُ السفر، ولا يعرفُه من الصحابة أحد، وهذه غير صورة دِحْية؛ لأن دحية كان معروفًا.
قلت: فيه نظر؛ فإن ظاهر القصة (¬3) التي ذكر فيها مجيء جبريل -عليه السلام- على تلك الصورة يقتضي أنه لم يبلِّغ فيه وحيًا عن الله إلى رسوله (¬4) في هذه المرة (¬5)، وإنما جاء سائلًا له (¬6) عن شرائع الإسلام؛ ليعلِّمَ الناسَ دينَهم، فكيف يعدُّ هذا من وجوه الوحي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام؟!
قال: ويمكن أن يعد وجهٌ (¬7) حادي عشر: وهو وحيُ مَلَكِ الجبال إليه؛ لأنه قال: "يا محمد! إنَّ الله أَمَرَني أَنْ أُطيعَكَ في قومِك" (¬8)، وبلغه (¬9)
¬__________
(¬1) في "ع": "فظاهر".
(¬2) أي: ابن المنير.
(¬3) في "ج" و"ع": "القضية".
(¬4) في "ج" زيادة: "- صلى الله عليه وسلم -".
(¬5) في "ع": "المدة".
(¬6) "له" ليست في "ع".
(¬7) في "ع": "وجهًا".
(¬8) رواه البخاري (3231)، ومسلم (1795) وفيه: "يا محمد! إن الله قد سمع قولَ قومِك لك، وأنا ملَكُ الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟ ".
(¬9) في "ن" و "ع": "فبلغه".

الصفحة 26