كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 1)

فإن قلت: فَلِمَ أُفرِدَ؟
قلت: لأن الإفراد يجوز أن يعاقب التثنية في كل اثنين لا يغني أحدُهما عن الآخر؛ كالعينين (¬1)، والأذنين، تقول: عينه (¬2) حسنة، وأنت تريد أن عينيه جميعًا حسنتان (¬3).
(ليتفصدُ): -بالفاء لا بالقاف- كما صَحَّفَه بعضهم؛ أي: يسيلُ وينصبُّ، ومنه الفصدُ.
(عرقًا): بالنصب على التمييز عن النسبة.
قال ابن المنير: ووجه الآية فيه مخالفةُ العادة في تفصُّد الجبين عرقًا في شدة البرد، فهذا يدل على طارئ زائد على الطبائع (¬4) البشرية، مضافًا إلى ما يظهر عقيبَ (¬5) ذلك من النطق بالحق والحكمة (¬6)، والإخبار بالغائبات على وجه يتحقق فيه الصواب، وفيه إشارة إلى ثقل الوحي؛ لأنه حق، وقد قال الله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5]؛ لأن الحق رصين، والباطل سفساف.
* * *
¬__________
(¬1) في "ع": "كالعين".
(¬2) في جميع النسخ عدا "ن": "عين".
(¬3) في "ج": "حسان".
(¬4) في "ن" و "ج": "الطباع".
(¬5) في "ع": عقب.
(¬6) في "ع": "من النطق بالحكمة والحق".

الصفحة 29