كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 1)

"يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ". ثُمَّ قَالَ: "بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ". ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ، فَكَسَرَهَا كِسْوَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْوَةً، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: "لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا. أَوْ: إِلَى أَنْ يَيْبَسَا".
(بحائط): أي: بستان.
(من حيطان المدينةِ أو مكةَ): كذا وقع هنا على الشك، وفي كتاب: الأدب الجزمُ بالمدينة (¬1)، قالوا: وهو الصواب.
(صوت إنسانين يُعذبان في قبورهما): فيه شاهد على جواز جمع المضاف المثنى معنىً، وإن لم يكن المضاف (¬2) جزءَ ما أضيف إليه؛ نحو: "إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا" (¬3).
(وما يعذبان في كبير): أي: دَفْعُه (¬4)؛ لأنه يسير على من يريد التوقِّيَ منه، ولا يراد (¬5) أنه من الصغائر لا الكبائر؛ لأنه قد ورد في الصحيح من الحديث: "وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ" (¬6)، فيحمل هذا على أنه كبير من الذنوب، وذلك على سهولة الدفعِ والاحتراز، هذا كله كلام ابن دقيق العيد (¬7).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (6055) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(¬2) في "ج": "مضاف".
(¬3) رواه البخاري (6318) عن علي - رضي الله عنه -.
(¬4) في "ع": "رفعه".
(¬5) في "ج": "والإيراد".
(¬6) رواه البخاري (6055).
(¬7) انظر: "شرح عمدة الأحكام" (1/ 62).

الصفحة 343