كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 1)

وحاول ابن المنير - رحمه الله - إبداءَ وجهٍ للمطابقة (¬1)، على تقدير أن يكون سماع الحديثين مفترقين؛ بأن قال: السرُّ في اجتماع الآخِرِ في الوجود، والسبقِ في البعث لهذه الأمة: أن الدنيا مثلُها للمؤمن (¬2) مثلُ السجن، وقد أدخل الله الأولين والآخِرين فيه على ترتيب، فمقتضى ذلك: أن الآخر في الدخول هو الأولُ في الخروج؛ كالوعاء إذا (¬3) ملأته بأشياء وُضع بعضُها فوق بعض، ثم استخرجتَها (¬4)، فإنما تُخرج أولًا ما أدخلْتَه (¬5) آخرًا، فهذا هو السر في كون هذه الأمة آخرًا في الوجود الأولِ، وأولَ في الوجود الثاني، ولها في ذلك من المصلحة (¬6) قلةُ بقائها في سجن الدنيا، وفي إطباق البلاء بما خَصَّها الله به (¬7) في (¬8) قِصَر الأعمار (¬9)، ومن (¬10) السبقِ إلى المعاد، فإذا فُهمتْ هذه الحقيقةُ، تصور الفَطِنُ معناها عامًّا، فكيف يليق بكيِّسٍ أن يعمد (¬11) إلى ماء راكدٍ يُطهر النجاسةَ، فيبول فيه، ثم يتوضأ
¬__________
(¬1) في "ع": "المطابقة".
(¬2) في "ع": "للمؤمنين".
(¬3) "إذا" ليست في "ج".
(¬4) في "ع" و"ج": "استخرجها".
(¬5) في "ج": "أدخله".
(¬6) في "ج": "مصلحة".
(¬7) "به" ليست في "م".
(¬8) في "ن" و "ع": "من".
(¬9) في "ج": "الأعمال".
(¬10) في "ج": "من".
(¬11) "أن يعمد" ليست في "ن".

الصفحة 363