كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 1)

وَإِنَّا لَمِمَّا نَضْرِبُ الْكَبْشَ ضَرْبَةً ... عَلَى رَأْسِهِ تُلْقِي (¬1) اللِّسَانَ مِنَ الفَمِ (¬2)
قاله السيرافي وجماعة. ومعناها: التكثير، وخَرَّجوا عليه قولَ سيبويه: واعلم أنهم مما يحذفون كذا، قال ابن هشام: والظاهر: أن مِنْ (¬3) فيهما ابتدائية، وما مصدرية، وأنهم جعلوا كأنهم خلقوا من الضرب والحذف، مثل: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] (¬4).
قلت: ليس المثالان نظير (¬5) الآية، ولا يتأتى فيهما ما أراد؛ وذلك لأن فعل الصلة فيهما مسند إلى ضمير يرجع إلى المحدث عنهم، فيلزم عند الشك إضافةُ المصدر إلى ذلك الضمير، فيؤول الأمر إلى جعلهم كأنهم خُلقوا من ضربهم ومن حذفهم، وذلك غير (¬6) متصوَّر ألبتة، وهذا ليس بموجود في الآية.
وانظر هل يمكن جعل قوله: "يحرك شفتيه" خبر كان، والتقدير: وكان (¬7) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحرك شفتيه مما يعالج، فحذف صلة ما (¬8)؛ للعلم بها؛ كقوله: [من مجزوء الكامل المرفَّل]
¬__________
(¬1) في "ع": "يلقي".
(¬2) البيت لأبي حية النميري.
(¬3) "من" ليست في "ج".
(¬4) انظر: "مغني اللبيب" (ص: 424).
(¬5) في "ج": "ليس مثلها لأن نظير".
(¬6) "غير" ليست في "ج".
(¬7) في "ن" و "ع": "كان".
(¬8) في "ن": "فحذفت صفة ما".

الصفحة 49