كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 1)

(وسألتك بما يأمركم؟): قال الزركشي: إثبات الألف مع "ما" الاستفهامية قليل (¬1).
قلت: يريد: إذا دخل عليها، جاز (¬2)، ولا داعي هنا إلى التخريج على ذلك؛ إذ يجوز أن تكون الباء بمعنى عن، متعلقة بسأل؛ نحو: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان:59]، و "ما" موصولة (¬3)، والعائد، محذوف.
فإن قلت: أمر يتعدى بالباء إلى المفعول الثاني، تقول: أمرتُك بكذا، فالعائد (¬4) حينئذٍ مجرور بغير ما جر به الموصول معنى، فيمتنع حذفه.
قلت: قد ثبت حذفُ حرف الجر من المفعول (¬5) الثاني، فينتصب (¬6) حينئذ؛ نحو: أمرتُك الخيرَ، وعليه حمل جماعة من المعربين قوله تعالى: {مَاذَا تَأْمُرِينَ} [النمل: 33]، فجعلوا ماذا المفعولَ الثاني، وجعلوا الأول محذوفًا لفهم المعنى؛ أي: تأمريننا، وإذا كان كذلك، جعلنا العائد المحذوف منصوبًا ولا ضَيْر.
(لتجشمتُ لقاءه): أي: تكلفت لقاءه على ما فيه من المشقة.
قال ابن بطال: وهذا التجشُّم هو الهجرة، وكانت فرضًا قبل الفتح على كل مسلم، وإنما تأخر النجاشي لمصلحة راجحة؛ وذلك أنه (¬7) في أهل
¬__________
(¬1) انظر: "التنقيح" (1/ 21).
(¬2) في "ج": "حال".
(¬3) في "ج": "وموصولة".
(¬4) في "ج": "والعائد".
(¬5) في "ن": "مفعوله".
(¬6) في "ن" و "ع" و "ج": "فينصب".
(¬7) في "ج": "أنه كان".

الصفحة 65