كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: مقدمة)

* المكان العاشر: حكى (¬1) الزركشي عن ابن السِّيد: أنه قال في "رجلًا" الواقع في الحديث المتقدم: إنه حال موطئة؛ على تأويل الجامد بمشتق؛ أي: مرئيًّا محسوسًا.
قلت: آخر الكلام يدفع أوله (¬2).
قال مقلد خطباء الهند: لا يدفع؛ إذ بعد التأويل صار تقدير الكلام: جسمًا مرئيًّا محسوسًا.
وأقول: هذا كلام [من] لم يفهم وجه الدفع، وأنا أبينه، فأقول: الحال الموطئة هي الجامد الموصوفة، تقول: جاءني زيد رجلًا، حال موطئة أن يكون جمود الرجل سابقًا، فمقتضى قول ابن السِّيْد: أن رجلًا حال موطئة: أن يكون جمود الرجل باقيًا على حاله، غير مقصود بالتأويل. وقوله: على تأويله بمشتق، لا يكون حالًا موطئة، فآلَ الكلامُ إلى أن "رجلًا" حال موطئة على أن يكون حالًا موطئة، والتدافع فيه ظاهر مكشوف {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37].
وأقول: هذا ضِيقُ عَطَنٍ، أيُّ حاجةٍ به إلى ذلك المثال من ديباجة "الكشاف"، والله تعالى يقول: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2]، ويقول: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17]، ومثله في كلام العرب كثير، لكنه لا يفيد المعترض شيئًا فيما هو بصدده من رفع التدافع الواقع في كلام ابن السِّيد، وبالله التوفيق.
* * *
¬__________
(¬1) في الأصل: "حكي أن"، والصواب ما أثبت.
(¬2) انظر: "مصابيح الجامع" (1/ 23).

الصفحة 107