كتاب الذخائر والعبقريات (اسم الجزء: 1)

فإنّما هي إقبال وإدبار
أو تقول؛ ولكن البر: أي ذا البر أو تقول، إنه على حذف مضاف، أي بر من آمن. وقوله سبحانه: والكتاب، يعني جنس كتب الله، أو القرآن. وقوله: على حبه، أي مع حب المال والشح به، وقدم ذوي القربى لأن الإحسان إليهم أفضل، كما ورد في الأثر: صدقتك على المسكين صدقة وعلى ذي رحمك اثنتان، صدقة وصلة، وابن السبيل: المسافر المنقطع، وقيل الضيف: لأن السبيل يرعف به - أي يتقدم به ويبرزه للمقيمين كما يرعف الأنف بدم الرعاف - وقوله: وفي الرقاب: أي وفي معاونة المكاتبين حتى يفكوا رقابهم وقيل: في شراء الرقاب وإعتاقها، وقيل: في فك الأسارى. وقوله: والموفون بعهدهم: عطف على من
آمن وقوله: والصابرين، فهو منصوب على المدح، ولم يعطف، لفضل الصبر على سائر الأعمال، والبأساء، أي في الأموال كالفقر، والضراء، أي في الأنفس كالمرض. وحين البأس: أي وقت مجاهدة العدو. . . أليست هذه الآية الكريمة - كما قال الإمام البيضاوي، وكما ترى - جامعة للكمالات الإنسانية بأسرها، دالة عليها صريحاً أو ضمناً، فإنها على تشعبها منحصرة في ثلاثة أشياء: صحة الاعتقاد، وحسن المعاشرة، وتهذيب النفس. وقد أشير إلى الأول بقوله: من آمن

الصفحة 13