كتاب الذخائر والعبقريات (اسم الجزء: 1)

سبعاً يتبين لك أخَلَفٌ هو بعدك أم خَلْفٌ الخَلَف - بفتح اللام: الولد الصالح، والخلْف - بسكونها: الطالح، تقول: أعطاك الله خلَفاً مما ذهب لك ولا تقل خَلْفاً، وتقول أنت خَلْفُ سوء من أبيك، هذا هو الأعرف عند أهل اللغة وقال رجل لأبيه: يا أبتِ، إن عظيم حَقّك عليّ لا يُذهب صغيرَ حقّي عليك، وإن الذي تمُتُّ به
إليّ أمُتُّ بمثله إليك، ولست أزعم أنَّا على سواء، ولكن لا يحلُّ الاعتداء. . .
وقالوا: إنّ الولدَ البارَّ أبرُّ من الوالد، لأنَّ بِرَّ الوالدين طبيعة، وبِرَّ الولدِ واجبٌ، والواجب أبداً ثقيل، ولعل المتنبي ينظر إلى هذا المعنى إذ يقول:
إنَّما أنتَ والِدٌ والأبُ القا ... طعُ أحْنَى من واصِلِ الأولادِ
ومما يُستطرف في هذا الباب ما يُروى من احتجاج بعض العَققةِ لعقوقهم: فقد قيل لبعض الفلاسفة: لمَ تعقُّ والديك؟ قال: لأنّهما أخرجاني إلى الكونِ والفساد. . . وضرب رجل أباه، فقيل له: أما عرفت حقَّه؟ قال: لا، لأنّه لم يعرف حقّي، قيل: فما حق الولد على الوالد؟ قال: أن يتخيَّر أمَّه، ويحسن اسمَه، ويختنَه، ويعلمَه القرآنَ، ثم كشف عن عورته فإذا هو أقلف - لم يُختن - وقال: اسمي برغوث. . . ولا أعلم حرفاً من القرآن، وقد استولدني من زنجية. . . فقيل للوالد: احتمله، فإنك تستأهل. . .

الصفحة 26