كتاب ثمرات الأوراق في المحاضرات (اسم الجزء: 1)

الإمام مالك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس لا يعرف بعضهم بعضا من شدة الغلس وجلس كل واحد منا في مصلاه يسبح الله تعالى إلى أن طلعت الشمس على رؤوس الجبال فجلس مالك في مجلسه بالأمس وناولني الموطأ أمليه وأقرؤه على الناس وهم يكتبونه.
قال الشافعي رضي الله عنه فأتيت على حفظه من أوله إلى آخره وأقمت ضيف مالك ثمانية أشهر فما علم أحد من الأنس الذي كان بيننا أينا الضيف ثم قدم على مالك المصريون بعد قضاء حجهم للزيارة واستماع الموطأ. قال الشافعي فأمليت عليهم حفظاً منهم عبد الله بن عبد الحكم وأشهب وأبن القاسم قال الربيع وأحسب أنه ذكر الليث بن سعد ثم قدم بعد ذلك أهل العراق لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي رضي الله عنه فرأيت بين القبر والمنبر فتى جميل الوجه نظيف الثوب حسن الصلاة فتوسمت فيه خيراً فسألته عن اسمه فأخبرني وسألته عن بلده فقال العراق فقلت أي العراق فقال لي الكوفة فقلت من العالم بها والمتكلم في نص الكتاب والمفتي بأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة رضي الله عنه.
وقال الشافعي رضي الله عنه فقلت ومتى عزمتم تظعنون فقال لي في غداة غد وقت الفجر فعدت إلى مالك فقلت له خرجت من مكة في طلب العلم بغير استئذان العجوز أفأعود إليها أو أرحل في طلب العلم فقال لي: العلم فائدة يرجع منها إلى فائدة ألم تعلم

الصفحة 239