كتاب المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة (اسم الجزء: 1)
بِهِمَا المَدِينَةَ، فَنَادَى مُنَادِي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنْ رُدُّوا القَتْلَى إلى مَصَارِعِهم (¬1).
أَخْبَرنا الهَيْثَمُ بنُ مُحمَّدِ بنِ عَبْدِ الله، أَخْبَرنا مُحمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَهَابِ، حدَّثنا الحسَنُ بنُ هَارُونَ بنِ سُلَيْمَانَ، حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ إسْحَاق المُسَيِّبْيُّ، حدَّثنا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: لمَّا انْصَرفَ المُشْرِكُونَ مِنْ أُحُدٍ فَبَلَغُوا الرَّوْحَاءَ (¬2) قَالُوا: لَا مُحمَّدًا قَتَلْتُم، ولَا الكَوَاعِبَ أَرْدَفْتُم، بِئْسَ مَا صَنَعْتُم، ارْجِعُوا بنا، فَرَجَعُوا، فَسَمِعَ بِذَلِكَ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَنُدِبَ المُسْلِمُونَ، فَانْتَدَبُوا وقالَ: لَا يَخْرُجَنَّ مَعَنا إلَّا مَنْ شَهِدَ الوَقْعَةَ، فقَالَ جَابِرٌ: إنَّ أَبِي حَبَسَنِي، فأَذِنَ لَهُ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَخَرجُوا حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ أَبي عِنَبَةَ، أَو حَمْرَاءَ الأَسَدِ (¬3)، فقَال المُشرِكُونَ: نَرْجِعُ مِنْ قَابِلٍ، فأَنْزَلَ الله تَبَارَكَ وتَعَالىَ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ للِّه وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُو اْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [سورة آل عمران: 172] (¬4).
قالَ سُفْيَانُ: وكَانَتْ تُعَدُّ غَزْوَةً.
¬__________
(¬1) رواه لوين في جزئه (16) عن شريك النخعي به، ورواه أحمد 3/ 397، وابن حبان 7/ 457 من طريق أبى عوانة عن الأسود به.
(¬2) الروحاء -براء مهملة مفتوحة بعدها واو ساكنة ثم حاء مهملة- بلدة تقع في جنوب المدينة قرابة 80 كيلا، قرب بلدة تسمى اليوم بالمسيجيد، ينظر: معجم الأمكنة الوارد ذكرها في صحيح البخاري ص 260.
(¬3) بئر عِنَبَة -بكسر العين وفتح النون والباء الموحدة- وهي بئر قرب المدينة، على ميل منها على قرب من بئر السقيا المعروفة، ينظر: كتاب الأماكن للحازمى وحاشيته 2/ 694.
أما حَمْراء الأسد فهي قرية تقع على جبل أحمر جنوب المدينة على (20) كيلا بعد ذي الحليفة، ينظر: معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية ص 105.
(¬4) رواه النسائي في السنن الكبرى 6/ 317، وابن أبي حاتم في التفسير، كما في تفسير ابن كثير 1/ 565، والطبراني في المعجم الكبير 11/ 247 بإسنادهم إلى ابن عيينة، عن عمرو عن عكرمة، عنه، وعن ابن عباس.