كتاب المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة (اسم الجزء: 1)
وكَانَ عَمْرو بنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ في سَرْحِ القَوْمِ، فأَخَذَهُ عَامِرُ بنُ الطُّفَيْلِ فأَعْتَقَهُ، وقالَ لَهُ: ارْجِعْ إلى صَاحِبكَ فَحَدِّثْهُ، فَرَجَعَ عَمْرو إلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فأَخْبَرهُ الخَبَر.
وكَانَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ سَرِيَّةِ المُنْذِرِ بنِ عَمْرو تَخَلَّفوا عَلَى ضَالَّةِ لَهُم يَبْغُونَهَا، فإذا الطَّير تَرْمِيهِم بالعَلَقِ (¬1)، فَقَالُوا: قُتِلَ والله أَصْحَابُنَا، إنَّا لَنَعْرِفُ مَا كَانُوا لِيَقْتُلُوا بَنِي عَامِرٍ، وبَنِي سُلَيْمٍ وَهُو النَّدَى (¬2)، ولَكِنّ إخْوَانَنا هُم الذينَ قُتِلُوا فَمَا تأْمُرونَ؟ قالَ أَحَدُهُم: أَمَّا أَنا فَلَا أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْهُم، فَانْطَلَقَ فَقُتِلَ، وأَمًّا الآخَرَانِ فأَقْبَلَا إلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَقِيا رَجُلَينِ مِنْ بَنِي كِلَابٍ كَافِرَيْنِ قَدْ كَانَا وَصَلا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعَهْدٍ، فَنَزلُوا مَنْزِلًا وَاحِدًا، فَلَمَّا نَامَ اَلكِلَاَبِيَّانِ قَتَلَاهُمَا، فَلَمْ يَعْلَمَا أنَّ لَهُمَا عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3).
قالَ ابنُ إسْحَاقَ: أَقَامَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بَقِيَّةَ شَوَّالَ، وذِي القعْدَةِ، وذِي الحجَّةِ، والمُحَرَّمِ، ثُمَّ بَعَثَ أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ في صَفَرَ عَلَى رأْسِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ أُحُدٍ، ثُمَّ كَانَ شأْنُ بَنِي النَّضِيرِ، ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وخُرُوجُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى غَطَفَانَ (¬4).
أَخْبَرنا أَبِي رَحِمَهُ اللهُ، أَخْبَرنا مُحمَّدُ بنُ مُحمَّدِ بنِ يُونُسَ، وأَحْمَدُ بنُ مُحمَّدٍ، قالَا:
¬__________
(¬1) العَلَق: قطع الدم، الواحدة: عَلَقة، النهاية 3/ 556.
(¬2) كذا في الأصل، وفي تاريخ دمشق، ولم أجد لها معنى.
(¬3) رواه البيهقي في دلائل النبوة 3/ 414، وابن عساكر في تاريخ دمشق 26/ 107 بإسنادهما إلى موسى بن عقبة من قوله.
(¬4) جاء هنا في الأصل بعد قوله غطفان (بنو النضير) وهي زيادة مقحمة لا مناسبة لها، وينظر: سيرة ابن هشام ص 751.