كتاب المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة (اسم الجزء: 1)

قَالَ لَهُم أَمِيُرهُم: مَكَانَكُم حَتَّى أحْتَسَّ لَكُم خَبَر القَوْمِ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَيْهِم فَقَال: إنِّي رَسُولُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إليكُم، أَفَتُؤَمِّنُونيِ حَتَّى أُبَلِّغُكُم؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَنَزلَ إليهِم، فَبَيْنَا هُو يُكَلِّمُهُم إذْ غَمَزُوا رَجُلًا مِنْهُم، فأَتَاهُ فَطَعَنهُ مِنْ خَلْفِهِ بالرُّمْحِ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الرُّمْحِ قالَ: الله أَكْبُر، فُزْتُ ورَبِّ الكَعْبَةِ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ قَالُوا: إنَّ لِهَذا أَصحَابًا فَاحْتَسُّوا أَثَرَهُ، حَتَّى هَجَمُوا عَلَى القَوْمِ فَقَتَلُوهُم جَمِيعًا.
قالَ إسْحَاقُ: فَسَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ الله عَنْهُ يَقُولُ: كُنَّا نَقْرأُ فِيمَا قَدْ نُسِخَ: (أنْ بَلِّغُوا إخْوَانَنَا، أَنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنا فَرَضِيَ عَنَّا ورَضِينا عَنْهُ) (¬1).
قالَ الأَوْزَاعِيُّ: قالَ يَحْيى (¬2): فَمَكَثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو عَلَى عَامِرِ بنِ الطُّفَيْلِ ثَلَاثينَ صَباحًا: اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرَ بنَ الطُّفَيْلِ بِمَ شِئْتَ، وابْعَثْ عَلَيْهِ دَاءً يَقْتُلُه، فَبَعَثَ الله عزَّ وجلَّ طَاعُونًا فَقَتلَهُ.
أَخبَرنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ مُحمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ اللَّبَانُ، أخبَرنا مُحمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ شِيرَوية، أَخبَرنا عَبْدُ الله بنُ مُحمَّدِ بنِ شَيرَوية، حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه، أخبَرنا عَبْدُ الرَّزَاقِ، أَخبَرنا مَعْمَرُ، أَخْبَرنيِ عَاصِمُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قالَ: مَا رأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ عَلَى شَيءٍ قَطُّ مَا وَجَدَ عَلَى أَصحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ، سَرِيَّةِ المُنْذِرِ بنِ عَمْرو فإنَّهُ مَكَثَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِم في قُنُوتِ صَلَاةِ الغَدَاةِ، وَهُم: رِعْلٌ، وذَكْوَانُ، وعُصَيَّةُ بَنِي لِحْيان، وَهُم مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ (¬3).
¬__________
(¬1) رواه البخاري في مواضع، ومنها في (2647)، ومسلم (677) بإسنادهما إلى إسحاق به.
(¬2) هو يحيى بن أبي كثير اليمامي الحافظ الزاهد، من رواة الستة.
(¬3) رواه أحمد 3/ 196، والبيهقي 2/ 199 بإسنادهما إلى عبد الرزاق به، ورواه البخاري (6031) بإسناده إلى عاصم الأحول به.

الصفحة 379