كتاب المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة (اسم الجزء: 1)
وقالَ: وأَخْبَرنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ، أَخْبَرنا هِشَامٌ، عَنْ مُحمَّدٍ قالَ: عَاهَدَ حُيَيُّ بنُ أَخْطَبَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَلَّا يُظَاهِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا، وجَعَلَ الله عَزَّ وجَلَّ عَلَيْهِ كَفِيلًا، قالَ: فَلَمَّا كَان يَوْمَ قُرِيظَةَ أَتَي به وبابْنِه سَلْما، قالَ: فَقَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أُوْفيِ [الكَيْلَ] (¬1)، قالَ: فأَمَرَ به فَضُرِبتْ عُنُقُه، وعُنُقُ ابْنِهِ (¬2).
قالَ: وأَخْبَرنا يَزِيدُ بنُ هَارِونَ، أَخْبَرنا مُحمَّدُ بنُ عَمْرو، حدَّثني عَاصِمُ بنُ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ قالَ: لمَّا نَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَمْسَى أَتَاهُ جِبريلُ، أَو قالَ: مَلَكٌ، فقالَ: [مَنْ] (¬3) رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ ماتَ اللَّيْلَةَ استَبْشَرَ لمَوْتهِ أَهْلُ السَّمَاءِ؟ فَقَالَ: لا، إلَّا أنْ يَكُونَ سَعْدًا، فإنَّهُ أَمْسَى دَنِفًا (¬4)، مَا فَعَلَ سَعْدٌ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، قَدْ قُبِضَ، وجَاءَهُ قَوْمُهُ فَاحْتَمَلُوهُ إلى دَارِهِم، قالَ: فَصَلَّى رَسُولُ الله الفَجْرَ، ثُمَّ خَرَجَ، وخَرَجَ النَّاسُ، فَبِتَّ النَّاسَ مَشْيًا (¬5)، حَتَّى إنَّ شِسُوعَ نِعَالِهِم لَتُقْطَعُ مِنْ أَرْجُلِهِم، وإنَّ أَرْدِيتَهَم لَتَسْقُطُ عَنْ عَوَاتِقِهِم، فقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، قَدْ بَتَتَّ النَّاسَ، فقَالَ: إنِّي أَخْشَى أنْ تَسْبِقَنَا إليهِ المَلَائِكَةُ كَمَا سبَقَتْنَا إلى حَنْظَلَةَ (¬6).
¬__________
(¬1) جاء في الأصل: (الكفيل) وهو خطأ، والصواب ما أثبته كما في المصنف، ومعناه: يفي بالعهد ويحكم بالعدل.
(¬2) رواه ابن أبي شيبة 7/ 379 عن يزيد بن هارون به. وذكره المتقي الهندي 10/ 741 وعزاه لابن أبي شيبة.
(¬3) جاء في الأصل: (ما) وهو خطأ، والتصويب من المصادر.
(¬4) (الدَنَف) بفتحتين -المرض الملازم، يقال: دنف المريض إذا ثقل، ينظر: القاموس المحيط (دنف).
(¬5) قوله (فبت) بمعنى: أجهدهم في السير.
(¬6) رواه ابن أبي شيبة في المصنف 7/ 374، وابن سعد في الطبقات 3/ 423، وأحمد في فضائل الصحابة 2/ 819، عن يزيد بن هارون به.