كتاب المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة (اسم الجزء: المقدمة)
لَه دِلَالَةٌ عَلَى مَضْمُونِ الكِتَابِ، فإنَّ المُسْتَخَرَجَ لُغَةً: مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ أَصْلهِ، ويُرِيدُ المُصَنِّفُ بِهَذا الاسْمِ جَمْعَ فَوَائِدَ مُسْتَخْرَجَةٍ مِنْ كُتُبِ العُلَمَاءِ في السِّيرَةِ والتَّارِيخِ، وهذه الفَوَائِدُ فِيهَا فَرَائِدُ مُسْتَطْرَفَةٍ، ونُكَتٌ مُسْتَغْرَبةٍ، ولُمعٌ مُسْتَحْسَنَةٍ، دُون تَطْوِيلٍ ممُلٍّ، أَو اخْتِصَارٍ مخُلٍّ، ولمْ يُرِدْ بالمُسْتَخْرَجِ المَعْنَى الاصْطَلَاحِيِّ عِنْدَ المُحَدِّثينَ، وَهُو أنْ يَأْتِي المُصنِّفُ إلى كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ السُّنَّةِ المُعْتَمَدَةِ كَصَحِيحِ البُخَارِيِّ مَثَلًا، فَيُخَرِّجُ أَحَادِيثَهُ بأَسَانِيدَ لِنَفْسهِ مِنْ غَيرِ طَرِيقِ البُخَارِيِّ، فَيَجْتَمِعُ إسْنَادُ المُصنِّفِ مَعَ إسْنَادِ البُخَارِيِّ في شَيْخهِ أَو مَنْ فَوْقَهُ (¬1).
وقدْ أَضَافَ أَحَدُ مَنْ قَرأَ الكِتَابَ، أَو مَلَكَهُ كَلِمَةَ (التَّارِيخِ) فَوْقَ كَلَمِةِ (الكِتَابِ المُسْتَخَرجِ) في مَوَاضِعَ كثِيرَةٍ مِنْ عَنَاوِينِ أَجْزَاءِ الكِتَابِ، وَفَاتَهُ في بَعْضِها، ولَا شَكَّ أنَّ كَلِمَةَ (التَّارِيخِ) مُقْحَمَةً لَيْسَتْ مِنْ أَصْلِ الكِتَابِ، ومِمَّا يَدُلُّ على ذَلِكَ أنَّ كَثِيرًا مِن العُلَمَاءِ ذَكَرُوا عِنْوَانَ الكِتَابِ بِدُونِها، مُقْتَصِرينَ على العِنْوَانِ الذي أَثْبَتْنَاهُ، ومِنْهُم الإمامُ عَلَاءُ الدِّينِ مُغْلَطَاي بنُ قَلِيجٍ (¬2)، والحَافظُ زَيْنُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بنُ الحُسَيْنِ العِرَاقِيُّ (¬3)، والإمامُ بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِيُّ (¬4)، والحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلَانِيُّ (¬5)، والحَافِظُ ابنُ نَاصرٍ الدِّين الدِّمَشْقِيُّ (¬6)، والإمَامُ أبو الخَيْرِ
¬__________
(¬1) تحدَّثت عن المستخرجات وفوائدها، وأنواعها في كتاب (دراسات في مناهج المحدثين).
(¬2) إكمال تهذيب الكمال 2/ 137.
(¬3) طرح التثريب في شرح التقريب 2/ 230. والتقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح ص 226
(¬4) النكت على ابن الصلاح 2/ 141.
(¬5) الإصابة في تمييز الصحابة 2/ 204، وفتح الباري في شرح صحيح البخاري 7/ 5، و 11/ 616، و 12/ 39.
(¬6) توضيح المشتبه في مواضع كثيرة، ينظر الفهرس في آخر الكتاب 10/ 598.
الصفحة 111