كتاب جامع الصحيحين لابن الحداد (اسم الجزء: 1)

والاعوجاج، فقال: {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما. إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} إلى قوله: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما}.
في غيرها من الآيات التي تدعو أهل الملل إلى متابعة ما قد جاءهم من ربهم على ألسنة السفراء من الأنبياء والرسل، وإن أول ما يتوجه من الله على عبيده أن يلقوا إليه مقاليد الإذعان في الإقرار به والإيمان، قال الله تعالى: {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت}.
وروى البراء بن عازب رضي الله عنه قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله! أقاتل ثم أسلم، أو أسلم ثم أقاتل؟ فقال: ((بل أسلم، ثم قاتل)).
وكل من وافقنا على كلمة التقوى أولا اضطره وفاقه إلى أن يلتزم ما أتاه من شريعة الله عز وجل بسفارة الرسول دون ما ترتئيه النفس، ويقضي به الهوى بموجب الآية البالغة.
وإذا قيل له الآن مثلا: ما الطريق إلى وقوع العلم بما جاء به نبينا إلينا من ربنا -عز وجل-: صلى الله عليه وسلم؟ لم يجد محيصا على حال من أن يقول: طريق ذلك البلاغ والسمع؛ فإن الله تعالى شهد لنبينا صلى الله عليه وسلم أنه ختم به النبيين، ولا يجد بدا من أن يقول: دعينا حتما إلى اتباعه، وإن تطاول مضي الدهور والأزمان، إذ أقر أن دينه آخر الأديان، ولم ينته

الصفحة 4