كتاب جامع الصحيحين لابن الحداد (اسم الجزء: 1)

يوم الجمعة قوله عز وجل: {اليوم أكملت لكم}، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((ستلقون ربكم فيسألكم؛ فلا ترجعوا بعدي ضلالا))، وفي رواية: ((كفارا))، ثم قال: ((ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب)).
فمن زعم أن في الدين نقصانا بعد أن شهد الله له بالإكمال والإسباغ، وأن التوصل إلى الدين الذي جاءت به الرسل بغير طريق السماع والإبلاغ؛ لزمه من حكم الله تعالى وحكم رسوله ما لزمه، قال الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} و {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون}؛ لم تلزمهم سمة النفاق إلا بتركهم العمل باطنا بما دعاهم إليه، أو دلهم عليه، وهذا مما لا يمتري فيه ذو دين منصف، فلينظر المتدين لنفسه، وليختر ما سينفعه في دنياه وآخرته، وإن علم أنه غير مشوب بالهوى والعصبية، فليعمل عليه إن شاء الله.
ثم إن أحد أعيان الوقت من أئمة الدين، وجماعة من إخواني -رعاهم الله بتوفيقه- اقترحوا علي في أن ألخص لهم من الكتابين الصحيحين للإمامين المقدمين محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي أبي عبد الله، ومسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري أبي الحسين رضي الله عنهما، اللذين جعلهما الله تعالى علمين للناس منصوبين بنصحهما للأمة، وكشفهما للغمة= كتابا حاويا لذكر ما خرجا فيهما من الآثار؛

الصفحة 7