أمكنك التشكك ولو كلفت نفسك الشك في أن الاثنين أكثر من الواحد لم يكن الشك متأتيا بل لا يتأتى الشك في أن العالم ينتهي إلى خلاء أو ملاء وهو كاذب وهمي لكن فطرة الوهم تقتضيه والآخر يقتضيه فطرة العقل
وأما كون الكذب قبيحا فلا يقتضيه فطرة العقل الوهم ولا فطرة العقل بل ما ألفه الإنسان من العادات والأخلاق والاستصلاحات وهذه أيضا معارضة مظلمة يجب التحرز عنها
فهذا القدر كاف في المقدمات التي منها ينتظم البرهان
فالمستفاد من المدارك الخمسة بعد الاحتراز عن مواقع الغلط فيها يصلح لصناعة البرهان والمستفاد من غلط الوهم لا يصلح البتة والمشهورات تصلح للفقهيات الظنية والأقيسة الجدلية ولا تصلح لإفادة اليقين البتة
الفن الثالث من دعامة البرهان: في اللواحق
وفيه فصول:
الفصل الأول: في بيان أن ما تنطق به الألسنة في معرض الدليل والتعليل في جميع أقسام العلوم يرجع إلى الضروب التي ذكرناها
فإن لم يرجع إليها لم يكن دليلا.
وحيث يذكر لا على ذلك النظم فسببه إما قصور علم الناظر أو إهماله إحدى المقدمتين للوضوح أو لكون التلبيس في ضمنه حتى لا ينتبه له أو لتركيب الضروب وجمع جملة منها في سياق كلام واحد .
مثال ترك إحدى المقدمتين لوضوحها وذلك غالب في الفقهيات والمحاورات احترازا عن التطويل كقول القائل هذا يجب عليه الرجم لأنه زنى وهو محصن وتمام القياس أن تقول كل من زنى وهو محصن فعليه