كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

الفن الأول: في حقيقته [الحكم]
ويشتمل على تمهيد وثلاث مسائل:
أما التمهيد فهو أن الحكم عندنا عبارة عن خطاب الشرع إذا تعلق بأفعال المكلفين فالحرام هو المقول فيه إتركوه ولا تفعلوه والواجب هو المقول فيه إفعلوه ولا تتركوه والمباح هو المقول فيه إن شئتم فافعلوه وإن شئتم فاتركوه فإن لم يوجد هذا الخطاب من الشارع فلا حكم فلهذا قلنا العقل لا يحسن ولا يقبح ولا يوجب شكر المنعم ولا حكم للأفعال قبل ورود الشرع .
فلنرسم كل مسألة برأسها
مسألة[حسن الأفعال]
الحسن والقبح في الفعل ذهبت المعتزلة إلى أن الأفعال تنقسم إلى حسنة وقبيحة فمنها ما يدرك بضرورة العقل كحسن إنقاذ الغرقى والهلكى وشكر المنعم ومعرفة حسن الصدق وكقبح الكفران وإيلام البريء والكذب الذي لا غرض فيه ومنها ما يدرك بنظر العقل كحسن الصدق الذي فيه ضرر وقبح الكذب الذي فيه نفع ومنها ما يدرك بالسمع كحسن الصلاة والحج وسائر العبادات وزعموا أنها متميزة بصفة ذاتها عن غيرها بما فيها من اللطف المانع من الفحشاء الداعي إلى الطاعة لكن العقل لا يستقل بدركه
فنقول: قول القائل: هذا حسن وهذا قبيح لا يحس بفهم معناه ما لم يفهم معنى الحسن والقبح فإن الاصطلاحات في إطلاق لفظ الحسن والقبح مختلفة فلا

الصفحة 112