مسألة :[شكر الخالق لا يجب شكر المنعم عقلا]
مسألة شكر الخالق لا يجب شكر المنعم عقلا خلافا للمعتزلة ودليله أن لا معنى للواجب إلا ما أوجبه الله تعالى وأمر به وتوعد بالعقاب على تركه فإذا لم يرد خطاب فأي معنى للوجوب؟!
ثم تحقيق القول فيه أن العقل لا يخلو إما أن يوجب ذلك لفائدة أو لا لفائدة ومحال أن يوجب لا لفائدة فإن ذلك عبث وسفه وإن كان لفائدة فلا يخلو إما أن ترجع إلى المعبود وهو محال إذ يتعالى ويتقدس عن الأغراض أو إلى العبد وذلك لا يخلو إما أن تكون في الدنيا أو في الآخرة ولا فائدة له في الدنيا بل يتعب بالنظر والفكر والمعرفة والشكر ويحرم به عن الشهوات واللذات ولا فائدة له في الآخرة فإن الثواب تفضل من الله يعرف بوعده وخبره فإذا لم يخبر عنه فمن أين يعلم أنه يثاب عليه
فإن قيل: يخطر له أنه إن كفر وأعرض ربما يعاقب والعقل يدعو إلى سلوك طريق الأمن
قلنا: لا بل العقل يعرف طريق الأمن ثم الطبع يستحث على سلوكه إذ كل إنسان مجبول على حب نفسه وعلى كراهة الألم فقد غلطتم في قولكم :أن العقل داع بل العقل هاد والبواعث والدواعي تنبعث من النفس تابعة لحكم العقل وغلطتم أيضا في قولكم أنه يثاب على جانب الشكر والمعرفة خاصة لأن هذا الخاطر مستنده توهم غرض في جانب الشكر يتميز به عن الكفر وهما متساويان بالإضافة إلى جلال الله تعالى بل إن فتح باب الأوهام فربما يخطر له أن الله يعاقبه لو شكره ونظر فيه لأنه أمده بأسباب النعم فلعله خلقه ليترفه وليتمتع فإتعابه نفسه تصرف في مملكته بغير إذنه
ولهم شبهتان: