كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

فإن قيل: :قد قال قوم يقع نفلا ويسقط الفرض عنده وقال قوم يقع موقوفا فإن بقي بنعت المكلفين إلى آخر الوقت تبين وقوعه فرضا وإن مات أو جن وقع نفلا
قلنا: :لو كان يقع نفلا لجازت بنية النفل بل استحال وجود نية الفرض من العالم بكونه نفلا إذ النية قصد يتبع العلم والوقف باطل إذ الأمة مجمعة على أن من مات في وسط الوقت بعد الفراغ من الصلاة مات مؤديا فرض الله تعالى كما نواه وأداه إذا قال نويت أداء فرض الله تعالى
فإن قيل: بنيتم كلامكم على أن تركه جائز بشرط وهو العزم على الامتثال أو الفعل وليس كذلك فإن الواجب المخير ما خير فيه بين شيئين كخصال الكفارة وما خير الشرع بين فعل الصلاة والعزم ولأن مجرد قوله صل في هذا الوقت ليس فيه تعرض للعزم فإيجابه زيادة على مقتضى الصيغة ولأنه لو غفل وخلا عن العزم ومات في وسط الوقت لم يكن عاصيا.
قلنا: أما قولكم لو ذهل لا يكون عاصيا فمسلم وسببه أن الغافل لا يكلف أما إذا لم يغفل عن الأمر فلا يلخو عن العزم إلا بضده وهو العزم على الترك مطلقا وذلك حرام وما لا خلاص من الحرام إلا به فهو واجب فهذا الدليل قد دل على وجوبه وإن لم يدل عليه مجرد الصيغة من حيث وضع اللسان ودليل العقل أقوى من دلالة الصيغة
فإذا يرجع حاصل الكلام إلى أن الواجب الموسع كالواجب المخير بالإضافة إلى أول الوقت وبالإضافة إلى آخره أيضا فإنه لو أخلي عنه في آخره لم يعص إذا كان قد فعل في أوله
مسألة: حكم من توفي أثناء وقت الصلاة بعد العزم عليها
إذا مات في أثناء وقت الصلاة فجأة بعد العزم على الامتثال لا يكون عاصيا

الصفحة 136