كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

فإن قيل إذا وجب عليه التعيين فالله تعالى يعلم ما سيعينه فتكون هي المحرمة المطلقة بعينها في علم الله تعالى وإنما هو مشكل علينا
قلنا: الله تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه فلا يعلم الطلاق الذي لم يعين محله متعينا بل يعلمه قابلا للتعيين إذا عينه المطلق ويعلم أنه سيعين زينب مثلا فيتعين الطلاق بتعيينه إذا عين لا قبله وكذلك نقول في الواجب المخير الله تعالى يعلم ما سيفعله العبد من خلال الكفارة ولا يعلمه واجبا بعينه بل واجبا غير معين في حال ثم يعلم صيرورته متعينا بالتعيين بدليل أنه لو علم أنه يموت قبل التكفير وقبل التعيين فيعلم الوجوب والطلاق على ما هو عليه من عدم التعيين
مسألة:حكم الواجب غير المعروف
اختلفوا في الواجب الذي لا يتقدر بحد محدود كمسح الرأس والطمأنينة في الركوع والسجود ومدة القيام إنه إذا زاد على أقل الواجب هل توصف الزيادة بالوجوب؟ فلو مسح جميع الرأس هل يقع فعله بجملته واجبا أو الواجب الأقل والباقي ندب؟
فذهب قوم إلى أن الكل يوصف بالوجوب لأن نسبة الكل إلى الأمر واحد والأمر في نفسه أمر واحد وهو أمر إيجاب ولا يتميز البعض من البعض فالكل امتثال
والأولى أن يقال الزيادة على الأقل ندب فإنه لم يجب إلا أقل ما ينطلق عليه الاسم وهذا في الطمأنينة والقيام وما وقع متعاقبا أظهر وكذلك المسح إذا وقع متعاقبا وما وقع من جملته معا وإن كان لا يتميز بعضه من بعض بالإشارة والتعيين فيحتمل أن يقال قدر الأقل منه واجب والباقي ندب وإن لم يتميز بالإشارة المندوب عن الواجب لأن الزيادة على الأقل لا عقاب على تركها مطلقا من غير شرط بدل فلا يتحقق فيه حد الوجوب

الصفحة 141