الذي يفهم: قوم يتصور منهم اختلاف واجتماع ولا يتصور الاجتماع والاختلاف من المعدوم والميت والدليل عليه أنه أمر باتباع الجماعة وذم من شذ عن الموافقة فإن كان المراد به ما ذكروه فإنما يتصور الاتباع والمخالفة في القيامة لا في الدنيا فيعلم قطعا أن المراد به إجماع يمكن خرقه ومخالفته في الدنيا وذلك هم الموجودن في كل عصر أما إذا مات فيبقى أثر خلافه فإن مذهبه لا يموت بموته وسيأتي فيه كلام شاف إن شاء الله تعالى .
المقام الثالث المعارضة بالآيات والأخبار:
أما الآيات: فكل ما فيها منع من الكفر والردة والفعل الباطل فهو عام مع الجميع فإن لم يكن ذلك ممكنا فكيف نهوا عنه ؟كقوله تعالى : { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ] الأعراف: من الآية33[ {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ } ]البقرة: من الآية217[) {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ }] البقرة: من الآية188[وأمثال ذلك.
قلنا: ليس هذا نهيا لهم عن الاجتماع بل نهي للآحاد وإن كان كل واحد على حياله داخلا في النهي وإن سلم فليس من شرط النهي وقوع المنهي عنه ولا جواز وقوعه فإن الله تعالى علم أن جميع المعاصي لا تقع منهم ونهاهم عن الجميع وخلاف المعلوم غير واقع وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } ]الزمر: من الآية65[ وقال {فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} ]الأنعام: من الآية35[وقد علم أنه قد عصمه منهم وأن ذلك لا يقع .
وأما الأخبار فقوله عليه السلام :" بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ ". وقوله عليه السلام:" خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى إن الرجل ليحلف وما يستحلف ويشهد وما