كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

يستشهد" وكقوله صلى الله عليه وسلم:" لا تقوم الساعة إلا على شرار أمتي "
قلنا: هذا وأمثاله يدل على كثرة العصيان والكذب ولا يدل على أنه لا يبقى متمسك بالحق ولا يناقض قوله صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله وحتى يظهر الدجال كيف ولا تجري هذه الأخبار في الصحة والظهور مجرى الأحاديث التي تمسكنا بها؟
المسلك الثالث التمسك بالطريق المعنوي:
وبيانه أن الصحابة إذا قضوا بقضية وزعموا أنهم قاطعون بها فلا يقطعون بها إلا عن مستند قاطع وإذا كثروا كثرة تنتهي إلى حد التواتر فالعادة تحيل عليهم قصد الكذب وتحيل عليهم الغلط حتى لا يتنبه واحد منهم للمحق في ذلك وإلى أن القطع بغير دليل قاطع خطأ فقطعهم في غير محل القطع محال في العادة فإن قضوا عن اجتهاد واتفقوا عليه فيعلم أن التابعين كانوا يشددون النكير على مخالفيهم ويقطعون به وقطعهم بذلك قطع في غير محل القطع فلا يكون ذلك أيضا إلا عن قاطع وإلا فيستحيل في العادة أن يشذ عن جميعهم الحق مع كثرتهم حتى لا يتنبه واحد منهم للحق وكذلك نعلم أن التابعين لو أجمعوا على شيء أنكر تابعوا التابعين على المخالف وقطعوا بالإنكار وهو قطع في غير محل القطع فالعادة تحيل ذلك إلا عن قاطع
وعلى مساق هذا قالوا لو رجع أهل الحل والعقد إلى عدد ينقص عن عدد التواتر فلا يستحيل عليهم الخطأ في العادة ولا تعمد الكذب لباعث عليه فلا حجة فيه

الصفحة 337