كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

يحفظون الفروع؟ بل لم تكن الفروع موضوعة بعد لكن عرفوا الكتاب والسنة وكانوا أهلا لفهمهما والحافظ لفروع قد لا يحفظ دقائق فروع الحيض والوصايا فأصل هذه الفروع كهذه الدقائق فلا يشترط حفظها فينبغي أن يعتد بخلاف الأصولي وبخلاف الفقيه المبرز لأنهما ذوا آلة على الجملة يقولان ما يقولان عن دليل
أما النحوي والمتكلم فلا يعتد بهما لأنهما من العوام في حق هذا العلم إلا أن يقع الكلام في مسألة تنبني على النحو أو على الكلام
فإن قيل: فهذه المسألة قطعية أم اجتهادية؟
قلنا: هي اجتهادية ولكن إذا جوزنا أن يكون قوله معتبرا صار الإجماع مشكوكا فيه عند مخالفته فلا يصير حجة قاطعة إنما يكون حجة قاطعة إذا لم يخالف هؤلاء أما خلاف العوام فلا يقع ولو وقع فهو قول باللسان وهو معترف بكونه جاهلا بما يقول فبطلان قوله مقطوع به كقول الصبي فأما هذا فليس كذلك
فإن قيل: فإذا قلد الأصولي الفقهاء فيما اتفقوا عليه في الفروع وأقر بأنه حق هل ينعقد الإجماع ؟
قلنا: نعم لأنه لا مخالفة وقد وافق الأصولي جملة وإن لم يعرف التفصيل كما أن الفقهاء اتفقوا على أن ما أجمع عليه المتكلمون في باب الاستطاعة والعجز والأجسام والأعراض والضد والخلاف فهو صواب فيحصل الإجماع بالموافقة الجملية كما يحصل من العوام لأن كل فريق كالعامي بالإضافة إلى ما لم يحصل علمه وإن حصل علما آخر
مسألة :عدم انعقاد الإجماع بالمجتهد الفاسق:
المبتدع إذا خالف لم ينعقد الإجماع دونه إذا لم يكفر بل هو كمجتهد فاسق وخلاف المجتهد الفاسق معتبر.
فإن قيل: لعله يكذب في إظهار الخلاف وهو لا يعتقده؟

الصفحة 343