كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

قاطع فإن لم يدركه فلا يكون معذورا كمن لا يدرك دليل صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لا عذر مع نصب الله تعالى الأدلة القاطعة
الصورة الثانية : أن لا يكون قد بلغته بدعته وعقيدته فترك الإجماع لمخالفته فهو معذور في خطئه وغير مؤاخذ به وكان الإجماع لم ينتهض حجة في حقه كما إذا لم يبلغه الدليل الناسخ لأنه غير منسوب إلى تقصير بخلاف الصورة الأولى فإنه قادر على المراجعة والبحث فلا عذر له في تركه فهو كمن قبل شهادة الخوارج وحكم بها فهو مخطىء لأن الدليل على تكفير الخوارج على علي عثمان رضي الله عنهما والقائلين بكفرهما المعتقدين استباحة دمهما ومالهما ظاهر يدرك على القرب فلا يعذر من لا يعرفه بخلاف من حكم بشهادة الزور وهو لا يعرف لأنه لا طريق له إلى معرفة صدق الشاهد وله طريق إلى معرفة كفره
فإن قيل: وما الذي يكفر به ؟
قلنا: الخطب في ذلك طويل وقد أشرنا إلى شيء منه في كتاب فصل التفرقة بين الإسلام والزندقة والقدر الذي نذكره الآن أنه يرجع إلى ثلاثة أقسام:
الأول ما يكون نفس اعتقاده كفرا كإنكار الصانع وصفاته وجحد النبوة
الثاني : ما يمنعه اعتقاده من الاعتراف بالصانع وصفاته وتصديق رسله ويلزمه إنكار ذلك من
حيث التناقض.
الثالث : ما ورد التوقيف بأنه لا يصدر إلا من كافر كعبادة النيران والسجود

الصفحة 345