كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

قلنا: لا بل لمخالفتهم السنة الواردة فيه المشهورة بينهم أو لمخالفتهم أدلة ظاهرة قامت عندهم
ثم نقول هب أنهم أنكروا انفراد المنفرد والمنكر منكر عليهم إنكارهم ولا ينعقد الإجماع فلا حجة في إنكارهم مع مخالفة الواحد
ولهم شبهتان:
الشبهة الأولى : قولهم قول الواحد فيما يخبر عن نفسه لا يورث العلم فكيف يندفع به قول عدد حصل العلم بإخبارهم عن أنفسهم لبلوغهم عدد التواتر؟ وعن هذا قال قوم: عدد الأقل إلى أن يبلغ مبلغ التواتر يدفع الإجماع.
وهذا فاسد من ثلاثة أوجه:
الأول : إن صدق الأكثر وإن علم فليس ذلك صدق جميع الأمة واتفاقهم والحجة في اتفاق الجميع فسقطت الحجة لأنهم ليسوا كل الأمة.
الثاني: إن كذب الواحد ليس بمعلوم فلعله صادق فلا تكون المسألة اتفاقا من جميع الصادقين إن كان صادقا .
الثالث : إنه لا نظر إلى ما يضمرون بل التعبد متعلق بما يظهرون فهو مذهبهم وسبيلهم لا ما أضمروه .
فإن قيل: فهل يجوز أن تضمر الأمة خلاف ما تظهر ؟
قلنا :ذلك إن كان إنما يكون عن تقية وإلجاء وذلك يظهر ويشتهر وإن لم يشتهر فهو محال لأنه يؤدي إلى اجتماع الأمة على ضلالة وباطل وهو ممتنع بدليل السمع .

الصفحة 349