كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

للتابعي أن يخالف إذ لم يتم الإجماع وما دام واحد من عصر التابعين أيضا لا يستقر الإجماع منهم فيجوز لتابعي التابعين الخلاف وهذا خبط لا أصل له
ولهم شبه:
الشبهة الأولى : قولهم :إنه ربما قال بعضهم ما قاله عن وهم وغلط فيتنبه له فكيف يحجر عليه في الرجوع عن الغلط وكيف يؤمن ذلك باتفاق يجري في ساعة واحدة؟
قلنا: وبأن يموت من أين يحصل أمان من غلطه وهل يؤمن من الغلط إلا دلالة النص على وجوب عصمة الأمة؟
وأما إذا رجع وقال: تبينت أني غلطت فنقول إنما يتوهم عليك الغلط إذا انفردت وأما ما قلته في موافقة الأمة فلا يحتمل الخطأ
فإن قال :تحققت أني قلت ما قلته عن دليل كذا وقد انكشف لي خلافه قطعا
فنقول: إنما أخطأت في الطريق لا في نفس المسألة بل موافقة الأمة تدل على أن الحكم حق وإن كنت في طريق الاستدلال مخطئا
الشبهة الثانية : إنهم ربما قالوا عن اجتهاد وظن ولا حجر على المجتهد إذا تغير اجتهاده أن يرجع وإذا جاز الرجوع دل أن الإجماع لم يتم
قلنا: لا حجر على المجتهد في الرجوع إذا انفرد باجتهاده أما ما وافق فيه اجتهاده اجتهاد الأمة فلا يجوز الخطأ فيه ويجب كونه حقا والرجوع عن الحق ممنوع
الشبهة الثالثة :أنه لو مات المخالف لم تصر المسألة إجماعا بموته والباقون هم كل الأمة لكنهم في بعض العصر فلذلك لا يصير مذهب المخالف مهجورا فإن كان العصر لا يعتبر فليبطل مذهب المخالف.
قلنا: قال قوم: يبطل مذهبه ويصير مهجروا لأن الباقين هم كل الأمة في

الصفحة 362