ودليله أنه يوجب نسبة الأمة إلى تضييع الحق إذ لا بد لمذهب الثالث من دليل ولا بد من نسبة الأمة إلى تضييعه والغفلة عنه وذلك محال
ولهم شبه:
الشبهة الأولى : قولهم إنهم خاضوا خوض مجتهدين ولم يصرحوا بتحريم قول ثالث
قلنا: وإذا اتفقوا على قول واحد عن اجتهاد فهو كذلك ولم يجز خلافهم لأنه يوجب نسبتهم إلى تضييح الحق والغفلة عن دليله فكذلك هاهنا
الشبهة الثانية : قولهم إنه لو استدل الصحابة بدليل أو علة لجاز الاستدلال بعلة أخرى لأنهم لم يصرحوا ببطلانها فكذلك القول الثالث لم يصرحوا ببطلانه
قلنا فليجز خلافهم إذا اتفقوا عن اجتهاد إذ يجوز التعليل بعلة أخرى فيما اتفقوا عليه لكن الجواب أنه ليس من فرض دينهم الاطلاع على جميع الأدلة بل يكفيهم معرفة الحق بدليل واحد فليس في إحداث علة أخرى واستنباطها نسبة إلى تضييع الحق وفي مخالفتهم في الحكم إذا اتفقوا نسبة إلى التضييع فكذلك إذا اختلفوا على قولين
الشبهة الثالثة : إنه لو ذهب بعض الصحابة إلى أن اللمس والمس ينقضان الوضوء وبعضهم إلى أنهما لا ينقضان الوضوء ولم يفرق واحد بينهما فقال تابعي ينقض أحدهما دون الآخر كان هذا جائزا وإن كان قولا ثالثا
قلنا:لأن حكمه في كل مسألة يوافق مذهب طائفة وليس في المسألتين حكم واحد وليست التسوية مقصودة ولو قصدوها وقالوا لا فرق واتفقوا عليه لم يجز الفرق وإذا فرقوا بين المسألتين واتفقوا على الفرق قصدا امتنع الجمع
أما إذا لم يجمعوا ولم يفرقوا فلا يلتئم حكم واحد من مسألتين بل نقول صريحا لا يخلو إنسان عن معصية وخطأ في مسألة فالأمة مجتمعة على المعصية والخطأ وكل ذلك ليس بمحال إنما يستحيل الخطأ بحيث يضيع الحق حتى لا يقوم به طائفة مع قوله عليه السلام "لا تزال طائفة من أمتي