كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

الثالث: أن النافي في مجلس الحكم عليه دليل وهي اليمين كما على المدعي دليل وهو البينة
وهذا ضعيف إذ اليمين يجوز أن تكون فاجرة فأي دلالة لها من حيث العقل لولا حكم الشرع نعم هو كالبينة فإن قول الشاهدين أيضا يجوز أن يكون غلطا وزورا فاستعماله من هذا الوجه صحيح كما سبق أو يقال كما وجب على النافي في مجلس القضاء أن يعضد جانبه بزيادة على دعوى النفي فليجب ذلك في الأحكام فهذا أيضا له وجه
الرابع :أن يد المدعى عليه دليل على نفي ملك المدعي وهو ضعيف لأن اليد تسقط دعوى المدعي شرعا وإلا فاليد قد تكون عن غصب وعارية فأي دلالة لها
الشبهة الثانية : وهي أنه كيف يكلف الدليل على النفي وهو متعذر كإقامة الدليل على براءة الذمة؟
فنقول :تعذره غير مسلم فإن النزاع إما في العقليات وإما في الشرعيات:
أما العقليات فيمكن أن يدل على نفيها بأن إثباتها يفضي إلى المحال وما أفضى إلى المحال فهو محال لقوله تعالى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } ]الانبياء: من الآية22[ومعلوم أنهما لم تفسدا فدل ذلك على نفي الثاني
ويمكن إثباته بالقياس الشرطي الذي سميناه في المقدمة طريق التلازم فإن كل إثبات له لوازم فانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم وكذلك المتحدي ليس نبيا إذ لو كان نبيا لكان معه معجزة إذ تكليف المحال محال فهذا طريق وهو الصحيح
الطريق الثاني : أن يقال للمثبت لو ثبت ما ادعيته لعلم ذلك بضرورة أو

الصفحة 386